استخدام الخلايا الجذعية في علاج مرض السكري لدى الفئران

4٬751

يعد مرض السكري من أكبر المشاكل الصحية التي تواجه البشرية في عصرنا الحديث. إذ لا تزال معدلاته في ازديادٍ مطرد بسبب نمط الحياة العصرية والعامل الوراثي. وتقدر نسبة المصابين بالمرض عالمياً بين 27 و32%، وهذا من شأنه أن ينطوي على أعباء مادية واجتماعية كبيرة. ولطالما كان هاجس الباحثين الأول يكمن في إيجاد علاج ناجع وفاعل لمرض السكري. ولذلك، فقد حظي التطور الأخير في هذا المجال، والذي تمثل في نجاح تجربة استخدام الخلايا الجذعية في علاج مرض السكري لدى الفئران، باهتمام المعنيين والمرضى على حد سواء. فكيف تم ذلك؟

أسباب الداء السكري

هناك أنماط عدة من الداء السكري، وتعتمد معالجة الحالة على النوع. ليس كل أشكال مرض السكري تنتج من زيادة الوزن أو نمط الحياة الخامل. فالنمط الاول من السكري يحدث منذ الشباب بسبب خللٍ وظيفي في خلايا ضمن البنكرياس تسمى خلايا بيتا، يسبب توقفها عن إنتاج الأنسولين. بينما في النمط الثاني تقل فعالية الأنسولين المنتج ما يتسبب في النهاية في إرهاق خلايا بيتا ويضعف عملها بشكل كبير وتتلف.

خلايا بيتا البنكرياسية - استخدام الخلايا الجذعية في علاج مرض السكري

العلاجات الحالية

حتى الآن لا يتوفر علاجٌ ناجع للمرض، بل تقتصر المعالجة على تزويد الجسم بالأنسولين اللازم لتنظيم السكر في الدم، ما ينتج عنه اختلاطاتٍ عديدة كقصور القلب واعتلال الأعصاب المحيطية، والأهم هو عدم قدرة المريض على تحديد الجرعة المناسبة من الأنسولين بالضبط، مما قد يعني مشاكل متعددة تنجم عن عدم ضبط مستوى سكر الدم بالشكل الأمثل.

دور الخلايا الجذعية في العلاج

الخلايا الجذعية متعددة القدرات هي خلايا غير متمايزة قادرة على التحول إلى أي نوع من الخلايا الحية في الجسم البشري بوساطة إجراءات مخبرية معقدة لتحفيز نموها وتخصصيها بنوع معين من الخلايا. كثيراً ما حاول الباحثون من قبل في إنتاج خلايا بيتا المفرزة للأنسولين، ولكن النتائج كانت غير فعالة سريرياً لعدم قدرتها على إنتاج عددٍ كافٍ من الخلايا الوظيفية. بيد أن البحث الجديد تغلب عن الكثير من هذه المشاكل ويعد برسم طريقٍ جديد نحو علاج حقيقي.

الخلايا الجذعية .. أمل المستقبل

تقنية مبتكرة

قام الفريق البحثي، الذي قاده د. جيفري آر ميلمان، أستاذ مساعد الهندسة الطبية الحيوية بجامعة واشنطن، بمعالجة خلايا جذعية بشرية مأخوذة من الجلد، وتحفيز الخلايا أثناء نموها بعوامل مختلفة مكتشفة حديثا وفي أوقاتٍ مختلفة، ما ساعد على تحقيق أداءٍ أفضل لعامل النمو،  وتحكمٍ أفضل في حجم الكتلة الخلوية، وهو ما ساعد في الحصول على خلايا ناضجة تعمل بشكل أكثر فعالية.

حقن الخلايا في الفئران المصابة بالسكري

بعد اكتمال عملية نمو خلايا بيتا المصنعة من الخلايا الجذعية، قام الباحثون بزراعتها في أجسام فئرانٍ مصابة بداء السكري، بعد أن تم كبت أنظمة المناعة لديها حتى لا ترفض الخلايا البشرية، وأنتجت تلك الخلايا المزروعة الأنسولين بمستويات تتحكم بفاعلية في نسبة السكر في دم الفئران.

وحول ذلك أفاد ميلمان: “كانت هذه الفئران مصابة بمرض السكري الشديد. وبعدما قمنا بزرع الخلايا المنتجة للأنسولين في أجساد الفئران، تراجعت مستويات سكر الدم لديهم للحدود الطبيعية في غضون أسبوعين”.

استخدام الخلايا الجذعية في علاج السكري عند الفئران

هل نقول وداعاً لمرضى السكري؟

 لا تزال الطريقة الجديدة في طور التجارب على الحيوانات، وما زلنا بعيدين كل البعد عن الوصول لعلاجٍ شافٍ للسكري. ومع ذلك، فإن النتائج واعدةٌ بالتأكيد. وعن إمكانية الانتقال بهذه التقنية إلى التجارب السريرية على البشر، يشير ميلمان إلى كثير من العقبات اللوجستية التي يجب إزالتها قبل الانتقال لهذه المرحلة.

وتابع قائلاً: “أكبر عقبة هي حماية الخلايا من الجهاز المناعي للمريض عند زرعها، وهذا يقتضي البحث عن وسيلةٍ لتغليف الخلايا، بحيث يكون هذا التغليف حاجزاً أمام الخلايا المناعية. وفي الوقت نفسه يسمح باستشعار الغلوكوز وإفراز الأنسولين، أو يمكن الاتجاه لخيار آخر، وهو هندسة الخلايا وراثياً باستخدام أدوات تحرير الجينات لجعل الخلايا غير مرئية لنظام المناعة الخاص بالمريض. ولعل هذا النوع من الأبحاث متعدد التخصصات للغاية ويتطلب علماء أحياء ومهندسين وأطباء، للعمل معاً على تحقيق علاج وظيفي لمرض السكري، وأنا متفائل بتحقيق ذلك لتصبح الخلايا الجذعية علاجاً خلوياً فعالاً لمرض السكري”.

إذا كنت تبحث عن المزيد من المعرفة والتسلية فلا بد لك من قراءة المواضيع التالية:

 

المصدر كلية الطب بجامعة واشنطن نيتشر

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط للارتقاء بأداء الموقع وتجربتكم في الوقت عينه فهل توافقون على ذلك؟ قبول الاطلاع على سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط