الساحر رونالدينيو من قمة المجد إلى غياهب السجن

3٬363

يحفل تاريخ كرة القدم بأسماء لا تكاد تغيب عن الذاكرة على الرغم من مضي سنوات عدة على غيابها عن الملاعب بداعي كبر السن أو الاعتزال. ولا ريب في  أن الغالبية العظمى من تلك الأسماء خطت تاريخها الكروي بأحرف من ذهب وباتت سيرتها تتناقلها الأجيال. ولعل أبرز هؤلاء اللاعبين يتمثل في كل من بيليه ومارادونا وكرويف وزيدان ورونالدو البرازيلي ورونالدينيو. كل هؤلاء اللاعبين أنهوا مسيرتهم الرياضية بنجاح لافت محفوف بالإنجازات، ليسموا لاحقاً حياتهم الشخصية بسيرة عطرة ومكانة اجتماعية مرموقة استمرت حتى يومنا هذا. إلا أنه وكما يقال “إن لكل قاعدة شواذ وبعض الصور لا تكتمل”، وهو ما حصل مع النجم البرازيلي الساحر رونالدينيو. فمن هو روناليدينيو وما هي قصته؟

من هو  رونالدينيو؟

رونالدو دي اسيس موريرا هو اللاعب الأمهر في تاريخ كرة القدم واللاعب الوحيد في العالم الذي لا يمكنك توقع ما سيفعله بالكرة، وهو المعروف بـ “رونالدينيو غاوتشو”، وهي عبارة برتغالية تعني “رونالدو الصغير”. وقد كني بهذا الاسم لتمييزه عن رونالدو دي ليما (الظاهرة). ولد روناليدينيو عام 1980 لأسرة فقيرة من والدين بسيطين وأربعة  أطفال هو أصغرهم.  توفي والده عندما كان  في عمر الثامنة وتولت أمه وإخوته رعايته. برزت موهبته الكروية مبكراً عندما شارك في بطولة كأس العالم للناشئين في مصر وأصبح حديث الأوساط الرياضية ثم انضم إلى المنتخب الأول بمشاركته في المكسيك بعمر 19 عاماً.

رحلة المجد

استدعي اللاعب إلى المنتخب بسن 17 عاماً وقبل بطولة كأس العالم في الولايات المتحدة  1994 والتي حصل فيها المنتخب البرازيلي على البطولة.  كما شارك في بطولة كأس العالم في فرنسا في عام 1998  حين خسرت البرازيل النهائي أمام فرنسا.  ثم انتقل بعدها إلى أوروبا في عام 2001 ولعب لفريق باريس سان جيرمان الفرنسي مقابل 5 مليون يورو.  وفي عام 2002 شارك مع المنتخب البرازيلي في بطولة كأس العالم المقامة في كوريا واليابان بجوار كل من ريفالدو ورونالدو وباقي نجوم البرازيل، وحصل معهم على كأس العالم. وحصل كذلك على جائزة هداف البطولة برصيد 8 أهداف.

الساحر رونالدينيو ورحلة المجد

في 2003 انتقل إلى نادي برشلونة الإسباني وحمل الرقم 10 الذي يحمل قيمة كبيرة في الفريق. ومنذ وصوله ساهم في إعادة الفريق إلى منصات التتويج، وكان له الدور الأكبر في إعادة االأمجاد لهذا النادي العريق. كما بات هداف النادي المحبب، حيث لعب 200 مباراة سجل خلالها 94 هدفاً وصنع 69 هدفاً، وحقق معهم خمسة ألقاب محلية، بالإضافة إلى دوري أبطال أوروبا 2006. إلا أن لعنة الاصابات التي رافقته في آخر موسم له، وكان ذلك عام 2008، مع برشلونة جعلت النادي يوافق على انتقاله إلى ميلان الإيطالي مقابل 24 مليون دولار.

ماذا قال عنه أساطير كرة القدم ونجومها؟

الجوهرة السوداء بيليه قال عنه: “إنه أكثر لاعب يذكرني بنفسي حين كنت ألعب”. من جانبه، وصفه مارادونا بالقول: “إنه اللاعب الوحيد الذي أدفع ثمن تذكرة دخول لأشاهده يلعب كرة القدم. إنه مختلف تماماً، وهو من تستطيع مقارنته بي”. أما يوهان كرويف، فقد قال عنه بأنه “يسير على خطى الأساطير، وبأنه يمتع ويحمس كل من جاء لمشاهدته”. في حين قال بلاتيني في وصفه: “رونالدينيو يجعل كرة القدم أجمل وهو يزرع السعادة في قلوب الجميع ولعل ابتسامته داخل الملعب تروي القصة برمتها”.

فيما قال عنه ميسي: “رونالدينيو ساحر كرة القدم ولاعب خيالي. ما أستطيع قوله أن رونالدينيو لاعب ساحر بكل ما تعنيه الكلمة، ما يقدمه في الملعب أقرب للخيال منه للحقيقة. إنه ساحر بمعنى الكلمة، يتعامل مع الكرة بطريقة غريبة جداً، بالفعل هي طريقة مدهشة، يمكنه عمل أي شيء من لا شيء، عندما تواجه رونالدينيو فأنت تتوقع أي شيء في لحظة أو جزء منها، أعتقد أن الفخر لنا أن يكون بجانبنا، هو يقوم بأشياء تصب في مصلحة “البارسا” أولاً وأخيراً.

وقال عنه وستاو: “رونالدينيو هو واحد من أفضل اللاعبين في الوقت الحالي، وأعتقد أنه سيكون واحد من أفضل خمسة لاعبين على مستوى العالم على مدى التاريخ. إذ إنه خليط من من الواقعية والخيال”. كما قال عنه جونيور نجم البرازيل في مونديال 1982:  “إنه ظاهرة من الظواهر التي لا تنتجها سوى البرازيل”.

الساحر رونالدينيو في قبضة الشرطة

رحلة الهبوط

بعد انتقاله إلى ميلان بدأت حياة اللاعب تتغير وأصبح من هواة السهر والحفلات والنساء، وهو ما أثر على أدائه في الملعب ولياقته البدنية. وأصبح يشارك في المباريات كلاعبٍ احتياطيٍ، الأمر الذي دفعه إلى العودة إلى مسقط رأسه البرازيل للعب مع نادي فلامينجو، حيث بدأ معه بداية جيدة. إلا أنه لم يلبث أن عاد إلى حياة السهر والمجون ليتدنى مستواه الفني والبدني مجدداً. وتنقل بعدها بين أندية  أتلتيكو منيبيرو البرازيلي و كويرتارو المكسيكي لينهي مسيرته في فومينينسي  البرازيلي، وكان ذلك في عام 2015.

اعتزل كرة القدم، لكنه لم يعتزل حياة السهر والمجون واستمر في إنفاق الملايين وعرف عنه تعدد علاقاته النسائية، حتى أنه قرر وبشكل مفاجئ إقامة حفل زواجه في قصره الواقع في كاليفورنيا على صديقتيه بريسيلا وباتريس سوزا، وذلك  في تحدٍ علنيٍ للقوانين البرازيلية التي تمنع تعدد الزوجات. واستمر على هذه الحال حتى تم اتهامه بقضية إقامة مشروع على أرض محمية طبيعية مملوكة للدولة، وتم على إثرها الحجز على 57 وحدة من ممتلكات اللاعب وتغريمه بمبلغ 1.8 مليون يورو، بالإضافة إلى سحب جواز سفره المحلي وذلك الدولي. ولقد اتخذت المحكمة  هذا الإجراء بعد أن تبينت بأن اللاعب لا يمتلك في حسابه سوى مبلغاً ضئيلاً لا يكاد يتعدى الـ 6 يورو، وشكت في قدرته على سداد الغرامات المحكوم عليه بها.

كما تم التحقيق معه أيضاً بتهمة الترويج لشركة تحتال على المواطنين عبر التسويق الهرمي، حيث أنه لم يكن سفيراً لها فقط وإنما شريكاً مؤسساً فيها. كل هذه الأخبار أحزنت عشاق  اللاعب الموهوب، لكن ما جاء بعدها كان الصدمة الحقيقية.

الساحر رونالدينيو

الصور الصادمة للساحر البرازيلي

صور محزنة لكل عشاق كرة القدم ولجمهور الساحر البرازيلي تداولتها وسائل الإعلام أظهرت رونالدينيو وشقيقه الأكبر مكبلي اليدين ومعتقلين من قبل شرطة باراغواي بتهمة تزوير جوازي سفرهما ودخول البلاد بشكل غير شرعي للترويج لأحد الكتب. ورغم أن الأخبار تحدثت عن تسوية في بداية الموضوع جرت بينهما وبين الشرطة تنص على اعترافهما بذنبهما مقابل السماح لهما بمغادرة البلاد، إلا أن المدعي العام  ساندرا كوينونيز  رفضت طلب العفو عنهما، مما دفع الشرطة إلى إعادة اعتقالهما في الفندق الذي يقيمان به قبل ساعات من مغادرتهما البلاد.

نهاية محزنة

لاشك أن كل محبي كرة القدم وعشاق هذا اللاعب الساحر سينال منهم الحزن لدى علمهم بما حل لهذا اللاعب، وخصوصاً أن آخرها  تتحدث عن سجنه لمدة لاتقل عن ستة أشهرٍ مبدئياً في قضية  التزوير الأخيرة،  بالإضافة إلى ترقب مفاجآت جديدة ومشاكل قد تظهر بعدها.

إلا أنه وعلى الرغم من ذلك كله ما زلنا نأمل في أن يعود النجم الساحر لحياته الطبيعية السوية، خصوصاً بعد الأخبار الجميلة التي صدرت حول تكفل النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي بمصاريف تعيين أربعة محامين للترافع عنه في قضيته، واستعداده لتسديد ديون رونالدينيو التي تقدر بنحو أربعة ملايين يورو.

الساحر رونالدينيو وميسي

ربما تكون صورته الأخيرة المسربة من سجنه والتي ظهر فيها بابتسامته العريضة المعهودة أملاً لعشاقه في عودة جميلة للساحر.

إذا كنت تبحث عن المزيد من المعرفة والتسلية فلا بد لك من قراءة المواضيع التالية:

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط للارتقاء بأداء الموقع وتجربتكم في الوقت عينه فهل توافقون على ذلك؟ قبول الاطلاع على سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط