على مدى أكثر من 20 عاماً خلت حرص هيرفيه غامبس Hervé Gambs، المدير الفني ومبتكر الأقمشة المنقشة بالأزهار الشهير، على ابتكار تجارب حسية تخاطب أهواء أولئك الباحثين عن الأشياء الفاخرة وغير التقليدية. ونظراً لكونه عُرف بتبنيه للأفكار الحرة وغير النمطية في التصميم، فقد حظيت تصاميمه بفرادة لافتة ودقة لا متناهية وتكوين فطري آسر.
وإذ عكف هيرفيه غامبس على تجربة طرق مختلفة ومتنوعة للتعبير، فقد نجح في إضفاء بعد جمالي جديد على مفهوم صناعة العطور الفرنسية التقليدية. ولقد اشتهر بجرأته في ابتكار نفحات عطرية لطالما تميزت بحميميتها وخصوصيتها وبكونها تعبر عما يختلج في أعماقه من شغف بالأصالة. ولعل هذا التباين الرائع ما بين الأشياء في حالتها الأساسية وتلك المتطورة جداً سرعان ما تحول إلى ما يشبه هوية خاصة لعلامته التجارية. وللوقوف على تلك التفاصيل وغيرها، التقى فريق عصري.نت المبدع هيرفيه غامبس، ودار بينهما الحوار الآتي…
هل لك أن تطلعنا على أول عبير عطر علق بذاكرتك؟
رائحة ماكياج جدتي: جدتي كانت امرأة باريسية جداً. لقد كانت أنثى بكل ما للكلمة من معنى ولطالما عرفت بأناقتها البالغة في المناسبات كافة، ودائماً ما كانت تظهر بتسريحة شعر متقنة وماكياج لا يكاد يخلو من السحر والإبداع.
في الواقع أنا من ابتكر العطرالجديد “بينك إيفيدينس”، وذلك إحياء لتلك اللحظات السعيدة التي قضيناها سوياً. لقد تمثل ذلك في مزيج متناغم وأنيق من الروائح: مزيج قوامه رائحة الورود الندية، وذلك من أجل إضفاء لمسة أنثوية خاصة على العطر، في حين تم اختيار رائحة زهر البنفسج لأحمر الشفاه وعبير زهر السوسن القوي لأحمر الخدود.
ما هي أقرب خمس روائح إلى قلبك؟
1- تلك الرائحة المنعشة لعشب قد تم جزّه للتو من حديقة منزل.
2- الرائحة المحفزة للشهية لأطباق ساخنة قد خرجت للتو من الفرن في المطبخ الخاص بي (مكاني المفضل في المنزل، حيث أقضي ساعات عدة في الطبخ … ذلك الشيء الثاني المفضل لدي بعد العطور).
3- رائحة التربة الرطبة إثر عاصفة صيفية.
4- تلك الرائحة المميزة التي تنبعث عادة من احتراق الخشب في موقد منزلي الريفي الواقع في وادي لوار في فرنسا.
5- رائحة التوابل الشرقية الزكية التي تنقلني في رحلات رائعة أستسلم فيها تماماً وأطلق العنان لحواسي.
ما هو العطر الذي تتمنى أن يتسنى لك ابتكاره؟
تكريماً لفن الفروسية، قام جان بول غيرلان بابتكار أول عطر شرقي خاص بالرجال، وكان ذلك في عام 1965. ولقد أطلق عليه آنذاك اسم “هابيت روج”، وكان يشير إلى تلك السترات الحمراء الشهيرة التي يرتديها الفرسان. وهو عبارة عن مزيج عطري يختزل رائحة التربة والجلود الدافئة والغابات … لقد حظي ذلك بقيمة كبيرة جداً، وهو فوق ذلك يجسد انعكاساً متقناً ومميزاً وغريزة نقية وقوية في الوقت عينه.
لو سنحت لك فرصة ابتكار عطر خاص بشخصية تاريخية فمن ستكون هذه الشخصية؟ ولماذا؟
الملك الفرنسي لويس الرابع عشر (1638-1715) والذي كان يدعى أيضاً بـ “لي روي سوليل” (الملك الشمس).
إذ كان هذا الأخير محباً للفنون بشكل عام، كما لقّب بملك الاختلافات، ويعزى إليه أيضاً إطلاق مفهوم ” فن العيش”.
هل يتم تصوير العطر أيضاً إلى جانب تخيل رائحته خلال عملية ابتكاره؟
عندما أقوم بابتكار عطر ما، أحرص على ربطه بقصة ما. بالنسبة لي، هناك علاقة وثيقة بين جميع الحواس. وهكذا فأنا أعكف على ربط كل عطر بصور قوية، وذلك بغية توليد تعاطف أولي في نفس المتلقي من شأنه أن يعزز تلك القيم والمعاني التي ينطوي عليها العطر عادة.
وأنا أقوم بتصميم تلك الروابط البصرية لاستقطاب عشاق العطور إلى عالمي الخاص، علّي أتمكن من أن أجعلهم يفهمون ابتكاراتي بشكل أفضل.
ما هي أفضل طريقة للارتقاء بحاسة الشم لدى شخص ما في ما يتعلق بالروائح العطرية؟
لمس واستنشاق كل شيء من حولك، ولكن قبل كل شيء الزهور والنباتات، ذلك لأن جميع العطور موجودة في الطبيعة.
هل من تصميم مفضل لديك لزجاجة عطر من بين تلك التي تم استخدامها من قبل في مجموعة العطور الخاصة بك؟
لقد كنت أستوحي تصاميمي من القوارير القديمة التي استخدمت من قبل في القرن التاسع عشر لتخزين المكونات الطبيعية للعطور. أحب كل ما هو بسيط ويتمتع بخطوط ناعمة وحد أدنى من التعرجات… وأعني هنا، طبعاَ، تلك التصاميم الخالدة!
عطورك مصنوعة خصيصاً لأولئك الذين يولون أهمية كبيرة للشكل والمظهر سواء من الرجال أم النساء. هلا حدثتنا قليلاً في هذا الشأن؟
إن هؤلاء الذين يهتمون بالشكل يجمعون بين الشغف الذكوري وذلك الأنثوي، وذلك من أجل تحقيق رغبة مذهلة ومتفردة. إذ يدعي هؤلاء بأنهم مختلفون عن الجميع من خلال اعتمادهم لأنواع من العطور المتفردة والتي يتشاركونها فيما بينهم. السعي وراء الجمال الكامن في تلك الروائح الرائعة والمميزة يتطلب ترف التميز والخبرة النادرة. فإيلاء النفس اليوم الاهتمام المطلوب يستلزم المرور عبر علامات التميز الحصري.
بماذا تنصح جيل الشباب الحالي عندما يتعلق الأمر باختيار عطر ما؟
اختيار عطر يمثلك والذي من شأنه أن يثير تلك الأحاسيس الجميلة لديك. حافظ على شخصيتك وحاول دائماً أن تظهر في صورة تعكس شخصيتك على النحو الأمثل. كن على سجيتك ولا تتبع الأنماط الأخرى السائدة.
ما هي الكلمة الأخيرة التي تود أن توجهها إلى قراء موقع عصري.نت؟
من الضروري أن نحصل على الوقت الكافي لنشعر ونتذوق ونستنشق….عليكم أن تستمتعوا بكل لحظة من لحظات حياتكم، تمتعوا بكل تجربة وكونوا على طبيعتكم دائماً.