هل تتحكم بكتيريا الأمعاء بعقولنا حقاً؟

4٬936

 تشير دراسات عدة إلى حقيقة مفادها أن بكتيريا الأمعاء ترتبط بحالات الصحة العقلية المختلفة، ويمكن أن تؤثر على حالتك المزاجية وعلى أفكارك، أيضاً، وثمة اتصال ثنائي الاتجاه بين الأمعاء والدماغ. وعلى الرغم من أن التفاعل بين الدماغ والأمعاء قد خضع لبحث طويل ودراسات معمقة على مدى السنوات الماضية، إلا أن تعقيداته أعمق مما كان يعتقد في البداية. فعلى ما يبدو أن عقولنا تسيطر عليها، في جزء منها، البكتيريا الموجودة في الأمعاء، حتى أن بعض العلماء يعتبر أن لدينا دماغًا ثانيًا في أمعائنا.

تحوي الأمعاء البشرية أكثر من 100 مليون خلية عصبية، وبذلك تتفوق من حيث عدد الخلايا على كل من الحبل الشوكي والجهاز العصبي المحيطي. ولعل هذا ما يفسر حقيقة أن المضادات الحيوية التي تزعج النظام الإيكولوجي الميكروبي في الأمعاء أو ما يدعى بـ”بكتيريا الأمعاء” قد تتسبب في تأثيرات نفسية عصبية وتتفاعل مع الأدوية العقلية، ولربما تؤثر على مزاجنا. وهذا ما يفسر أيضًا سبب اضطرابات المزاج السائدة في المرضى الذين يعانون من متلازمة القولون العصبي.

بكتيريا الأمعاء

90% من السيروتونين يتم تصنيعه في الجهاز الهضمي

يتم تصنيع 90% من السيروتونين في الجهاز الهضمي وليس في الدماغ، وهو الناقل العصبي المرتبط بالسعادة والاكتئاب. وإن العديد من مضادات الاكتئاب تعمل عن طريق زيادة السيروتونين. كما وجد العلماء أن بكتيريا الأمعاء تنتج العديد من الناقلات العصبية الأخرى مثل الدوبامين والنورادرينالين والأسيتيل كولين والتي تعد حيوية للمزاج والقلق والتركيز. لهذه الأسباب فإن صحة وتوازن الميكروبيوم الهضمي (البكتيريا المفيدة المتعايشة ضمن جهازنا الهضمي ) يمكن أن يسبب تغييرات في كيفية عمل أدمغتنا.

يصعب تقدير عدد البكتيريا التي تتخذ من أمعائنا مسكناً لها، ولعل أفضل تخمين في هذا الإطار ينص على أن عددها لربما يصل إلى 40 تريليون. وينتمي معظم بكتيريا الأمعاء إلى 30 أو 40 نوعًا. ويطلق عليها مجتمعة الميكروبيوم.

بكتيريا الأمعاء تتحكم بالعقول

لتقدير أهميتها، تصورهذا، تتكون أجسادنا من نحو 30 تريليون خلية بشرية. ولذلك، وبالمعنى الحقيقي، فنحن بكتيريا أكثر من كوننا بشر!

في دراسة حديثة لجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، تم تعيين مجموعة من النساء الأصحاء دون أعراض معوية أو نفسية بشكل عشوائي في واحدة من مجموعتين اثنتين وفقاً لما يلي: مجموعة استهلكت منتج الحليب المخمر مع بروبيوتيك اللبن وهو مغذي ويعزز صحة الميكروبيوم، لمدة 4 أسابيع متتالية، ومجموعة دون تدخل للمراقبة.

جمع الباحثون صورًا للمخ قبل وبعد التدخل للبحث عن أي تغيرات في الدماغ في الاستجابة العاطفية و المزاج. كما قاموا بجمع عينات البراز. كانت النتائج مذهلة – كانت هناك اختلافات كبيرة في كيفية تفاعل العقول أثناء الشدة العاطفية. مجموعة من النساء اللائي تناولن الحليب المخمر لمدة 4 أسابيع فقط كان لديهن أدمغة أكثر هدوءًا وأظهرت مجموعة عدم التدخل الاتجاه المعاكس  وزيادة نشاط الدماغ خلال الشدة.

بكتيريا الأمعاء تتحكم بالمزاج

كيف يمكن أن تؤثر الكائنات البسيطة غير الذكية على سلوكياتنا وأفكارنا وعقولنا؟

 هذه الميكروبات لديها العديد من الاستراتيجيات للتأثير على أدمغتنا وبالتالي عقولنا. واحد سبق ذكره أعلاه هو أن بكتيريا الأمعاء تنتج ناقلات عصبية مهمة للسلوكيات والمزاج والأفكار والقدرات المعرفية الأخرى.كما  يمكن لبعض الكائنات المجهرية تغيير كيفية استقلاب هذه المواد الكيمياوية في المخ في الجسم وبالتالي تحديد مقدار ما هو متاح للعمل في الدورة الدموية. المسار الآخر هو العصب المبهم وهو قناة اتصال بين القناة الهضمية والدماغ. كما يرتبط الجهاز المناعي ارتباطًا وثيقًا بالميكروبيوم الهضمي والجهاز العصبي. ويمكن أن يتمتع كل من هرمونات الاجهاد والتوتر، كاالكورتيزول، بتأثير سلبي على ميكروبيومنا. وكل هذه العوامل تتفاعل بطرق معقدة مع الجهاز المناعي.

لا أدلة على علاقة الميكروبيوم بالصحة النفسية

لم تثبت الدراسات أدلة على علاقة الميكروبيوم بالصحة النفسية، بل إن العلماء قاموا أيضًا بفهرسة بكتيريا محددة من حيث صلتها بحالات الصحة العقلية المختلفة. في دراسة سكانية كبيرة، درس الباحثون العلاقة بين عوامل الميكروبيوم ونوعية الحياة والاكتئاب. وتمكنوا من تصنيف الأسماء الدقيقة للبكتيريا المرتبطة بها.

ما أصبح واضحاً من خلال دراسات عدة، أن المرضى الذين يعانون من اضطرابات نفسية لديهم مجموعات مختلفة من ميكروبات الأمعاء مقارنة بالميكروبات في الأفراد الأصحاء.

بكتيريا الأمعاء تتحكم بالمزاج عند البشر

ولعل ما  توحي به جميع النتائج المذكورة يتمثل في الآتي: يتعين على المرء الاعتناء ببكتريا الأمعاء المفيدة للحصول على نوعية حياة جيدة وصحة عقلية مثلى. إذ أثبتت الدراسات أن اتباع نمط حياة صحي بشكل عام يساهم في الحفاظ على صحة الميكروبيوم والأامعاء و من أهمها

تناول البروبيوتيك واتباع نظام غذائي نباتي غني بالألياف وتجنب الاستخدام غير الضروري للمضادات الحيوية والمطهرات دون استطباب واضح. ومن التغييرات الأخرى البسيطة في نمط الحياة التي يمكن للشخص القيام بها، الحصول على قسط كافٍ من النوم وممارسة الرياضة بانتظام.

البكتريا تتحكم بالمزاج العام لدى البشر

هل تبحث عن المزيد من المعرفة والتسلية والإثارة في الوقت عينه؟ إذن عليك قراءة المواضيع التالية:
لربما يكون هذا الخبر محط اهتمام أصدقائك! إذن لماذا لا تبادر إلى إطلاعهم على هذا الخبر المهم من خلال إحدى  وسائل التواصل الاجتماعي …
المصدر بابميد.غوف

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط للارتقاء بأداء الموقع وتجربتكم في الوقت عينه فهل توافقون على ذلك؟ قبول الاطلاع على سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط