في دراسة أجريت في عام 2016؛ قامت مجموعة من العلماء بالتوجه إلى بعض من ملتقطي “السيلفي” بسؤال عن الأسباب التي تدفعهم إلى نشر صورهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي وجاءت الإجابات لتلخص أربعة دوافع أساسية لدى المشاركين:
أولها:لفت الانتباه وحمل الآخرين على رؤيتنا والاعتراف بوجودنا وتقييمنا بالإعجاب، هنا تعمل السيلفي على توكيد الذات، “وتتفوق السيلفي على غيرها من وسائل توكيد الذات الأخرى على شبكات التواصل الاجتماعي كتحديثات الحالة وكتابة المنشورات وغيرها، وذلك لمدى حميمية السيلفي واتصالها بالذات”.

ثانياً:التواصل مع الآخرين، فعن طريق التعليقات والإعجابات يحدث التواصل والذي يكون موضوعه حميمي جداً، يفتح الفرص لخلق علاقات جديدة وثقل العلاقات القائمة بالفعل، فالسيلفي هنا تشبع حاجة الإنسان للممارسة الاجتماعية التي يتوقعها كلما ينشر صورة خاصة به.

ثالثاً:الأرشفة، وهي الوظيفة المعروفة للصور بشكل عام، والتي تعتبر وسيلة أخرى لحفظ الذكريات؛ ورابعاً: التسلية، وهنا تعتبر السيلفي مجرد فعل عادي هدفه دفع الملل والشعور ببعض المتعة. وفرق العلماء بين سياقين لهذه الدوافع، سياق النية وسياق السلوك الفعلي، وخلصوا إلى حقيقة مفادها أن هذه الدوافع تعبر عن النوايا مما يشير إلى أن هناك ما هو أبعد من هذه النوايا الواضحة.

تقريباً لا تكاد تخلو معظم الدراسات التي طالت موضوع السيلفي من التنويه إلى صلتها الدفينة بالشخصية النرجسية (Narcissism) المعجبة بذاتها والمدفوعة برغبة ملحة على الاستحواذ على إعجاب الآخرين. وتعود تسميتها إلى أسطورة نرسيس الذي بلغ من الوسامة مبلغاً كبيراً حتى وقع في عشقه جلّ الفتيات. ولم يكن ذلك الوسيم يدرك مرد هذا الحب الذي وصل إلى حد الهوس. فكان كل ما يرجوه أن يتركه الجميع وشأنه إلى أن رأى صورته ذات يوم منعكسة على مياه البحيرة. فهام في عشق نفسه، ولم يعد يرغب في أي شيء سوى النظر إلى نفسه في المياه. وذات يوم حاول نرسيس أن يلمس صورته المنعكسة في الماء فسقط فيه وغرق. وما لبثت أن نبتت مكانه زهرة سميت زهرة النرجس، والتي اشتقت من اسمها كلمة النرجسية، وفي هذا الشأن يقول محمود درويش:
