العالم يشهد زيادة في الاهتمام بظاهرة التغير المناخي بالرغم من النزاعات السياسية والمشاكل الاقتصادية

3٬503

يبذل الناس في مختلف أنحاء العالم المزيد من الجهود الشخصية للتصدي لظاهرة التغير المناخي، وفقًا لنتائج مقياس واقع تغير المناخ الثاني من إبسون. ويشير الاستبيان الخاص بالمقياس الذي أجرته الشركة العالمية الرائدة في مجال التكنولوجيا إلى أنه وبالرغم من أن الاقتصاد العالمي يمثل عائقاً أمام الجهود المبذولة لمواجهة مخاطر المناخ، إلا أن مشكلة التغير المناخي تبقى مصدر قلق رئيس للكثيرين.

وبالرغم من التأثيرات المناخية غير المسبوقة التي شهدها هذا العام، كشفت الدراسة أيضاً عن أن الناس متفائلون بشكل متزايد حيال إمكانية تجنب وقوع كوارث مناخية في حياتهم. ومع ذلك، أظهرت النتائج أن هناك اختلافات كبيرة في مستويات الثقة، مدفوعة بعوامل مثل الاقتصاد والعمر.

تأثر مستوى التفاؤل بشأن التغير المناخي بالاقتصاد والعمر

تعتبر القضايا المالية العاجلة الشغل الشاغل للناس. وفي الوقت الذي تصدرت فيه مواضيع “إصلاح الاقتصاد” (22%) وارتفاع الأسعار (21%) قائمة أولويات المشاركين في استبيان المقياس، إلا أن التغير المناخي احتل المرتبة الثالثة بنسبة 20%. وعلى الرغم من حالة تباطؤ الاقتصادي العالمي، والنزاعات الجيوسياسية، وارتفاع فواتير الطاقة، ألا أن أزمة المناخ لا تزال في مقدمة اهتمام الكثير من الناس حول العالم.

ومع ذلك، فإن مخاوف حيال تحديات التغير المناخي لا تؤدي إلى التشاؤم. فخلال الفترة التي سبقت انعقاد فعاليات الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر (COP26) في شهر نوفمبر 2021، عبر 46% من المشاركين في الاستبيان على مستوى العالم عن تفاؤلهم حيال إمكانية تجنب كارثة مناخية خلال فترة حياتهم. وفي ظل الاستعدادات لانعقاد الدورة السابعة والعشرين من مؤتمر (COP27) في مصر هذا العام، ارتفع مستوى التفاؤل إلى أكثر من 48%، وذلك على الرغم من تأثيرات التغير المناخي التي شهدها العالمي خلال العام الماضي، الأمر الذي يشير إلى وجود حالة “انفصال عن الواقع” لدى الناس تساهم في حصول سوء فهم للتأثيرات المستقبلية الكاملة لمشكلة التغير المناخي على العالم.

وعند النظر إلى هذه النتائج بالمزيد من التفصيل، يتضح أن المتوسط العالمي يخفي تباينات إقليمية كبيرة في مستويات الثقة، حيث إن معظم الاقتصادات المتقدمة تبدي مستويات تفاؤل أقل مقارنة بالاقتصادات الناشئة على سبيل المثال.

  • سجلت جميع الدول الأعضاء في مجموعة الدول الصناعية السبع مستويات تفاؤل أقل بكثير من المتوسط العالمي البالغ 48%، حيث سجلت كندا (36.6%)؛ وفرنسا (22.5%)؛ وألمانيا (23.8%)؛ وإيطاليا (25.2%)؛ واليابان (10.4%)؛ والمملكة المتحدة (28.4%)؛ والولايات المتحدة (39.4%).
  • سجلت الاقتصادات الناشئة سريعة النمو مستويات تفاؤل حيال المناخ أعلى بكثير من المتوسط العالمي: حيث سجلت الصين (76.2%)؛ والهند (78.3%)؛ وإندونيسيا (62.6%)؛ وكينيا (76%)؛ والمكسيك (66%)؛ والفلبين (71.9%).

أشارت نتائج استبيان المقياس أيضاً إلى أن العمر هو أحد العوامل المؤثرة في مستوى التفاؤل، حيث كانت الفئات العمرية الأكبر والأصغر سناً هي الأكثر قلقًا بشأن مشكلة التغير المناخي. وكان المشاركون ممن هم في عمر 55 عاماً أو أكثر هم الفئة الوحيدة التي اعتبرت مشكلة التغير المناخي كالقضية العالمية الأكثر إلحاحاً بنسبة 22.2%، في حين أن الفئة العمرية من 16 إلى 24 عاماً كانت الوحيدة التي صنفتها في المرتبة الثانية بنسبة 19.3٪%، وحلت مشكلة التغير المناخي في المرتبة الثالثة لدى جميع الفئات العمرية الأخرى.

إن التفاؤل العالمي المتزايد يتعارض مع واقع التغير المناخي، فقد أعلنت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) في العام 2022 أن تغير المناخ بفعل الإنسان بات يتسبب بكوارث خطيرة وواسعة على النظم الطبيعة، ويؤثر على حياة مليارات الأشخاص حول العالم.

وفي هذا العام وحده؛ أسهمت الاضطرابات الناجمة عن التغير المناخي في حدوث كوارث كبيرة في مختلف قارات العالم، بما في ذلك: موجات الجفاف الهائلة التي استمرت عقوداً في إفريقيا وأمريكا الجنوبية؛ وسرعة الاحترار في كل من القطب الشمالي والقطب الجنوبي؛ وفيضانات قاتلة في آسيا وأستراليا؛ ودرجات حرارة غير مسبوقة في جميع أنحاء أوروبا؛ وجفاف البحيرات في أمريكا الشمالية.

قد ينظر إلى التفاؤل غير المحدود على أنه أمنية صعبة المنال، لكن النتائج التي يشير إليها مقياس واقع التغير المناخي تؤكد على وعي وإدراك المشاركين بمخاطر مشكلة التغير المناخي، فقد أفاد ثمانية من كل 10 أشخاص (80.2%) بأن أدلة التغير المناخي التي يرونها بأعينهم خلال حياتهم اليومية هي العامل الأكثر تأثيراً في مسألة تعزيز الوعي. وتشمل الأدلة الهامة الأخرى التي تساهم في زيادة الوعي بظاهرة التغير المناخي ما يلي:

  • أشار 75.7% من المشاركين إلى الإجراءات والحملات التي تقوم بها الجهات الحكومية
  • أشار 75% من المشاركين إلى الأخبار الواردة عبر مختلف القنوات
  • أشار 74.2% إلى مواقع التواصل الاجتماعي
  • أشار 68.8% إلى حملات الاستدامة التي تنظمها الشركات أو الجهات الاجتماعية الأخرى
  • أشار 64% إلى الدورات المختلفة لمؤتمر الأطراف المعني بالتغير المناخي COP

يبدو أن التفاؤل قد بات يدفع الناس إلى بذل المزيد من الجهود لمكافحة ظاهرة التغير المناخي خلال العام 2022، حيث أشار المقياس إلى قيام الناس ببذل المزيد من هذه الجهود خلال عامي 2021 و2022:

  • ارتفع عدد الأشخاص الذين يخططون للمشي و/أو ركوب الدراجات من 83.7% إلى 87.2% – أفاد 31.8% أنهم قاموا بذلك بالفعل منذ أكثر من عام.
  • ارتفعت وتيرة اعتماد مصادر الطاقة المتجددة من 78.2% إلى 82.4% – أفاد 18.6% أنهم قاموا بذلك بالفعل منذ أكثر من عام.
  • ارتفع معدل خفض السفر الدولي لغرض الأعمال والترفيه من 65.1% إلى 68.2% – أفاد 23% أنهم قاموا بذلك بالفعل منذ أكثر من عام.
  • ارتفع معدل تبني السيارات الكهربائية من 68% إلى 72.7% – أفاد 10.6% أنهم قاموا بذلك بالفعل منذ أكثر من عام.
  • ارتفع معدل اعتماد نظام غذائي نباتي من 67.6% إلى 68.9% – أفاد 16.5% أنهم قاموا بذلك بالفعل لأكثر من عام.

لا شك أن زيادة الوعي وارتفاع وتيرة الإجراءات الفردية هو أمر هام لمكافحة ظاهرة التغير المناخي، إلا أن هناك الكثير من الجهود التي يجب القيام بها مثل وجود المزيد من القوانين والتشريعات الخاصة بالاستدامة من قبل الحكومات، وضرورة قيام الشركات بتطوير سياسات وتقنيات مستدامة، بالإضافة إلى بذل المزيد من الجهود لتسريع اعتماد الأفراد لأنماط الحياة المستدامة، إذا ما أراد العالم تحقيق أهدافه المتعلقة بتغير المناخ وتجنب آثاره وتبعاته الكارثية.

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط للارتقاء بأداء الموقع وتجربتكم في الوقت عينه فهل توافقون على ذلك؟ قبول الاطلاع على سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط