كيف استطاع إيلون ماسك الاستحواذ على تويتر؟

2٬637

توصل إيلون ماسك إلى اتفاق مع مجلس إدارة شركة تويتر على شراء المنصة بسعر 54,20 دولاراً للسهم، ما يجعل قيمتها الإجمالية نحو 44 مليار دولار، لينتهي بذلك جدل مُحتدم حول مساعي الملياردير للاستيلاء العدائي على المنصة الرقمية، وليبدأ جدل جديد آخر حول مستقبل تويتر في ظل هيمنة إيلون ماسك.

 لطالما وُصِف رائد الأعمال الأميركي إيلون ماسك الذي يمتلك ثروة تزيد عن 260 مليار دولار بأنه “مشاغب تويتر” الأول. ولربما لم ينازعه على هذا اللقب سوى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الذي لم يكن أقل مشاغبة منه طوال مدة فترته الرئاسية.

لذلك، لم يكن من المُستغرَب ظهور تغريدات لماسك في نهاية مارس من العام 2022 يشنّ من خلالها هجوماً عنيفاً على المنصة.

وقال في إحداها: “إنه بصدد إنشاء منصة تواصل اجتماعي جديدة مفتوحة المصدر من شأنها أن تُتيح حريات أكبر للتعبير. وتحفل في الوقت عينه بنسب أقل من الحملات الدعائية والإعلانات”.

ويأتي هذا التصريح إبان يوم واحد فقط من استطلاع للرأي كان المليادير الأمريكي نشره على المنصة نفسها. وتوجه فيه إلى متابعيه حيث سألهم عما إذا كانوا يعتقدون أن منصة تويتر تلتزم بحرية التعبير. ولقد أجاب نحو 70% من  المشاركين بـ “لا”.

في بداية أبريل من العام 2022 فوجئ الجميع بإعلان إيلون ماسك نيته شراء حصة مقدارها 9.2% من أسهم تويتر بقيمة إجمالية تُقدَّر بنحو 2.89 مليار دولار.

ولعل ذلك ما جعله المساهم الخارجي الأكبر في أسهم الشركة. إذ تتجاوز نسبة ملكيته في المنصة ما قدره  4 أضعاف حصة جاك دورسي “مؤسس تويتر” التي تبلغ 2.25%.

عملية الشراء تلك التي قام بها ماسك لأسهم تويتر كانت بدأت تدريجياً ودونما  إعلان مسبق. إذ انطلقت في  نهاية يناير 2022 واستمرت بالإيقاع ذاته حتى بداية أبريل من العام نفسه. وكان الثري الأمريكي يعكف خلال هذه الفترة على شراء ما بين 370 ألف و4.8 ملايين سهم يومياً  وبمتوسط سعر مقداره  36 دولاراً للسهم الواحد.

وهكذا فقد وصلت قيمة الأسهم التي يمتلكها ماسك إلى 73.5 مليون سهم (أي نحو 9.2% من قيمة الشركة). ولقد جاء ذلك بعد  أسبوع واحد فقط من هجوم ماسك على المنصة وتلميحه بإنشاء منصة مشابهة ومنافسة.

وفور الإعلان عن حصة ماسك في تويتر ارتفعت قيمة  السهم بنسبة 27%، صعوداً من 39 دولاراً في مطلع أبريل إلى 50 دولاراً للسهم في الرابع من الشهر نفسه.

وإثر إعلان ماسك عن حصته الكبيرة في تويتر بدأ وعلى نحو مكثف في نشر تغريدات مثيرة للجدل تنطوي على ثلة من التعديلات التي يعتزم إجراءها على المنصة. وتضمنت تعديلاته تلك تغييرات جذرية تتناول كلاً من نماذج الاشتراك ومسألة الإعلانات على حد سواء. كما طاولت تلك التغييرات الخصائص التقنية الخاصة بالارتقاء بتجربة المستخدم. لمَّح ماسك، أيضاً، إلى إمكانية تفعيل خاصية “تعديل” التغريدات إبان نشرها. ولفد قوبل هذا الأمر باستحسان كبير في أوساط رواد المنصة الذين لطالما طالبوا بوجود مثل هذه الخاصية.

لم يكن رفض إيلون ماسك الانضمام إلى مجلس إدارة تويتر اعتباطياً. إذ إن اللوائح والقوانين الناظمة لعملية الاستثمار في أسهم الشركات تنص على أن انضمام شخص إلى مجلس إدارة شركة ما سيمنعه تلقائياً من امتلاك ما يزيد عن 14.9% من قيمتها.

لم يتأخر ماسك كثيراً قبل الإفصاح عن نِيَّاته الدفينة. إذ أعلن في تغريدة مقتضبة نُشرت في الرابع عشر من أبريل تقدُّمه بعرض لشراء منصة تويتر بالكامل مقابل مبلغ 43.5 مليار دولار، أي بقيمة 54.2 دولاراً للسهم الواحد. وهذا يمثل زيادة مقدارها 15 دولاراً للسهم مقارنة بسعر الإغلاق مطلع الشهر.

هذا العرض في حد ذاته ليس مُلزماً من حيث المبدأ. إلا أن ماسك ضمنه تحذيراً مباشراً. إذ صرح هذا الأخير بأنه  في حال عدم قبول العرض الذي قدَّمه فسيُعيد النظر في الحصة التي اشتراها من الشركة.

كما سيتعامل معها باعتبارها استثماراً سيئاً. وهذا يحد ذاته يعد دلالة واضحة عن نيته التخلي عن فكرة الاستثمار في هذا الإطار.

وكذلك، فهو بمثابة إعلان واضح عن نيته بيع حصته بالكامل. وتكمن خطورة تلك الخطوة  في إحداث انخفاض كبير في قيمة السهم يمكن أن يتسبَّب لاحقاً في انهيار القيمة السوقية للشركة على نحو كبير للغاية.

حينئذ فقط، أدرك الجميع أن إيلون ماسك على مدى الأشهر الماضية كان ينتهج سياسة حصان طروادة. وتفضي تلك السياسة بامتلاك حصة مهيمنة في تويتر. ولعل ذلك يجعله  قادراً على ممارسة “استحواذ عدائي” (Hostile Takeover). وتعد تلك السياسة إحدى أخطر الممارسات في عالم الاستثمار في الشركات.

تكتيك الحبّة السامة

بعد يوم واحد من هذا السجال، أعلنت منصة تويتر أنها ستُطبِّق “تكتيك الحبّة السامة” (Poison Pill Tactic) لمواجهة خطة إيلون ماسك للاستحواذ الكامل على الشركة. وهذا بمثابة إعلان صريح عن رفض مجلس إدارتها لعرض الاستحواذ ذاك. وقال مسؤولون في الشركة إنه سيجري العمل بهذه الخطة في حال تخطَّت ملكية إيلون ماسك في تويتر حاجز 15%  دون الحاجة إلى الحصول على موافقة مجلس الإدارة.

ما هو تكتيك الحبة السامة؟

ظهر مُصطلح “الحبة السامة” للمرة الأولى في عالم الأعمال في مطلع الثمانينات. وهو عبارة عن تكتيك دفاعي تقوم به مجالس إدارات الشركات عادة بغية التصدي لمحاولات الاستحواذ العدائية التي قد تتعرَّض لها من جهات أخرى. وقد سُمي بهذا الاسم تيمُّنًا بالجواسيس الذين يحملون معهم عادة حبة سامة قاتلة يستخدمونها لإنهاء حياتهم عند انكشاف أمرهم.

ويكمن الهدف الرئيس من وراء خطة “حبة السم” تلك في جعل عملية الاستحواذ على الشركة أكثر صعوبة وأقل جاذبية بالنسبة للجهة التي تسعى للاستحواذ عليها.

ويتم ذلك عادة بطرق عدة لعل أبرزها يتمثل في الآتي:
  • رفع قيمة السهم بشكل كبير
  • إصدار الشركة لعدد كبير جداً من الأسهم الجديدة الإضافية وطرحها للشراء بأسعار منخفضة

ومع إعلان تويتر عن مضيها قدماً في إجراءات تفعيل تقنية الحبة السامة توقع كثيرون أن تحتدم المعركة بين الطرفين. غير أن هذه التوقعات سرعان ما تلاشت مع تراجع تويتر المفاجئ عن خطة المقاومة تلك وقبول بيع الشركة إلى ماسك.

ويبقى هناك تساؤلات عدة في هذا الإطار، لعل أبرزها يتمثل في الآتي:
لماذا أراد إيلون ماسك شراء تويتر؟
وما هو مستقبل المنصة تحت إدارته؟
هذا ما ستكشف عنه الأيام المُقبلة. فكما يقول المثل العربي الشهير:
“إن غداً لناظره قريب”.

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط للارتقاء بأداء الموقع وتجربتكم في الوقت عينه فهل توافقون على ذلك؟ قبول الاطلاع على سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط