كيف يمكن للدروس المستقاة من كورونا أن توظف لصالح الأمن الإلكتروني؟

326

لا ريب في أن قدرة فيروس على التسبب بكل تلك الاضطرابات الهائلة في سائر أنحاء العالم لهو أمر يبعث على الخشية والقلق على أقل تقدير. إذ قام هذا الكائن المجهري بتعرية النظام الصحي العالمي برمته، لا وبل أظهر مدى هشاشة عالمنا الحقيقي. ولعل الواقع الراهن يقدم لنا فرصة نادرة لاستخلاص العبر والدروس. فكيف لنا الاستفادة من دروس جائحة كورونا “كوفيد-19” وتطبيقها في عالم الأمن الإلكتروني؟

وإذ لا يختلف العالم الرقمي عن ذلك الحقيقي في هشاشته، كما ثبت من تفشي الهجمات الإلكترونية فيه، فقد لا يأتي من قبيل الصدفة استخدام مصطلحات تقنية مستمدة من علم الأحياء في وصف تهديدات الأمن الإلكتروني مثل “فيروسات” و”إصابات”، فأوجه الشبه كبيرة وواضحة وضوح الشمس.

آلية انتشار الفيروس

على نمط كثير من فيروسات الحاسوب، أصاب فيروس كورونا العالم من دون دراية. فلا جاء بسابق إنذار ولا انتشر بقدر طفيف يمكن السيطرة عليه. وسرعان ما تفشى إثر ذلك بسرعة موغلاً في التدمير تحت وطأة انعدام علاج أو مخفف.

انتشار كورونا خلسة أدى إلى إصابة الكثير بالمرض قبل أن تظهر أي أعراض عليهم. ويتشابه انتقال عدوى كورونا بين الأفراد عند التفاعل الشخصي مع انتشار فيروسات الحاسوب في الشبكات. إذ تعكس تلك الخصائص المشتركة سلوك أنواع بعينها من البرمجيات الضارة بالحواسيب.

ومن أوجه الشبه الكبيرة الأخرى الحاجة إلى لقاح مضاد للفيروس. إذ تعمل حلول الأمن الإلكتروني المتمثلة بمكافحة فيروسات الحاسوب التقليدية بطريقة تماثل آلية عمل نظام المناعة لدى الإنسان في صد الفيروسات.

الأمن الإلكتروني في ظل جائحة كوفيد-19

وتزخر برامج الأمن الإلكتروني الخاصة بمكافحة الفيروسات بجزء من الفيروس، وتقوم بإنشاء ملفات بغية تحديد الملفات المصابة بهذا الفيروس. الأمر ذاته يؤديه الجهاز المناعي في الجسم، وذلك بحفظ جزء صغير من الفيروس ليستخدمه في تحديد الخلايا المصابة ويقوم بتدميرها بعد ذلك.

وفي حين أن تخفيف تداعيات فيروسات العالم الإلكتروني قد يكون أسرع وأسهل مما هو عليه في العالم البيولوجي، إلا أن فيروسات الحاسوب تنتشر بوتيرة أسرع بكثير نتيجة الترابط الرقمي الواسع. والسؤال الذي يبرز، وبحسب كل حالة: هل ستقع أضرار واسعة النطاق، وما مدى الدمار الحاصل بالنتيجة؟

عوامل الوقاية وأدوات المكافحة

في عالمنا هذا، كان بإمكان الجميع الاستعداد بشكل أفضل لفيروس كوفيد-19، وذلك بإمدادات كافية من الأدوات الضرورية مثل معدات الفحص والأقنعة وأجهزة التنفس الاصطناعي. لكن قلة من الدول كانت متقبلة لنموذج مخاطر يتدارك أمرا بدا أنه نظري. ولاقى التجاهل الكثير من الأصوات المحذرة إثر مخاوف من التكاليف.

الأمن الإلكتروني في ظل انتشار فيروس كورونا المستجد

الدرس الذي نتمنى استخلاصه هو ضرورة الاستعداد لما لا يمكن توقعه في الأمن الإلكتروني، تماما مثل الأسلوب الذي كان ينبغي علينا اتباعه في جائحة كورونا.

وكما قال مايك ليفيت، وزير الصحة والخدمات البشرية الأمريكي الأسبق: “كل ما نفعله قبل حدوث جائحة سيبدو مبالغة. وسيبدو كل شيء نفعله بعد جائحة ناقصا”.

الدروس المستخلصة

لعل الدرس المستخلص هنا يكمن في التالي: قد يبدو التخطيط لسيناريو وقوع الحالة الأسوأ غير ضروري، إلا أنه لن يضيع حال وقوع أزمة غير متوقعة.

الدرس الآخر يكمن في مسألة تخفيف التداعيات. فاعتماد نموذج أمني قائم على مبدأ الثقة الصفرية هو المفتاح لأجل الوقاية والاستجابة الفاعلة. حيث يسمح مبدأ الثقة الصفرية بتحديد أهم النواحي الحساسة بهدف حمايتها. تماماً مثلما يحصل عند انتشار الفيروسات البيولوجية، حيث يسعى الإنسان لحماية نفسه وعائلته.

كيف يمكن توظيف جائحة كورونا لصالح الأمن الإلكتروني؟

كيف يتم التعامل عادة في وضع مماثل في عالم الأمن الإلكتروني؟

وفي الأمن الإلكتروني، يمكن كذلك اتباع نهج التجزئة بهدف إقامة ضوابط تحمي أهم الأصول، والاستعانة بسياسات تحد من قدرة البرمجيات الضارة أو الهجمات غير المسبوقة على الولوج. كما يمكن إرساء ضوابط أمنية تحد من قدرة الفيروسات على نشر العدوى في أجزاء أخرى من بيئة الأنظمة التقنية.

إقرأ المزيد:
المصدر بالو ألتو نتوركس

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط للارتقاء بأداء الموقع وتجربتكم في الوقت عينه فهل توافقون على ذلك؟ قبول الاطلاع على سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط