لم يمض من العام الجديد سوى شهره الأول والثاني، إلا أن أحداثه المتسارعة تذكرنا بأرنب سباقات الجري ذلك اللاعب الذي يتم إشراكه لرفع وتيرة السباق وتحطيم الأرقام.
على الرغم من التفاؤل الذي اقترن بعام 2020، إلا أن ثمة من يروج لغير ذلك من المتشائمين الذين لا يتورعون عن نشر إحصائيات مخيفة تتمحور حول رقم 20 من كل قرن والكوارث التي يحملها هذا الرقم، مستشهدين بكوارث عدة، لا ريب أبرزها يتمثل في: الطاعون عام 1720 والكوليرا عام 1820 والإنفلونزا الإسبانية عام 1920 .
كيف لا وكورونا يحصد الأرواح منذ اليوم الأول
ما شاهدناه حتى هذه اللحظة، وخصوصاً مع أخبار كورونا التي حملتها لنا الصين تدعونا إلى الريبة وتحفز لدي شخصياً فراسة شبيهة بفراسة الحلبي (علي بن منقذ) التابع للملك (محمود بن مرداس) وقصته الطريفة التي سأسردها لكم على عجالة. فقد كان ابن منقذ والملك صديقين مقربين لكن هذه الصداقة أزعجت حاشية الملك فكادوا له عنده وأوغروا صدره عليه وخلقوا بينهما فتنة جعلت ابن منقذ يخاف على نفسه وينتقل للعيش في دمشق بعيداً عن حلب. وذات يوم استدعى الملك كاتبه وأمره بخط رسالة إلى ابن منقذ يخبره فيها بأنه قد عفا عنه وسامحه وبأنه يشتاق لصحبته طالباً منه العودة إلى حلب. غير أن الكاتب أحس برائحة الغدر في كلام الملك فختم رسالة الملك بعبارة “إنَ شاء الله تعالى” واضعاً شدة على النون بدلاً من إبقائها ساكنة.
فراسة ابن منقذ
وصلت الرسالة إلى ابن منقذ فقرأها فرحاً حتى وصل إلى ختامها وارتاب في الشدة على النون لمعرفته بقدرات الكاتب واستحالة ارتكابه لمثل هذا الخطأ الغريب. ففهم بذكائه أنه تحذير من الكاتب وإشارة لقوله تعالى: ” إنَ الملأ يأتمرون بك لقتلك”، فقام بالرد على الرسالة بالشكر والامتنان للملك على مشاعره الجميلة وطمأنه بانه سيعود إلى حلب بأقرب فرصة، إلا أنه ختم رسالته بعبارة ” إنَا الخادم المقر بالإنعام ” بتشديد النون أيضاً.
فيها إنَ
ولما قرأ الحاكم الرسالة فرح لنجاح خطته، لكن الكاتب اطمأن إلى أن تحذيره قد وصل لابن منقذ وأن تشديد النون في عبارته الأخيرة ما هي إلا إشارة إلى قوله تعالى على لسان بني إسرائيل: ” إنًا لن ندخلها ابداً ما داموا فيها “. ومنذ ذلك الحين أصبحت عبارة ” فيها إنَ ” تستخدم كمثل عن الارتياب من أمر ما أو الشك فيه.
مواضيع قد تهمك أيضاً:
-
نظام إلكتروني إماراتي متطور يتنبأ بالحالات المحتملة للإصابة بفيروس كورونا
-
مادة في زيت الزيتون تمنع الإصابة بسرطان الدماغ
-
5 خطوات لحماية الشركات في العصر الرقمي
-
مبيعات الهواتف الذكية ستشهد نمواً بنسبة تتجاوز 5% في 2020
-
طائرة إكس-61 إيه الأمريكية المسيرة تستعرض قدراتها في أول تحليق لها
أحداث سياسية وطبية متلاحقة
ولأن أحداث هذا العام منذ يومه الأول تحمل شدة على النون بأحداثها السياسية والطبيعية والطبية والفنية منذ اغتيال قاسم سليماني ومرافقيه في العراق وما تبعها من صواريخ إيرانية على القاعدة الامريكية ثم استهداف طائرة الركاب الأوكرانية بصاروخ إيراني بالخطأ، مروراً بالمظاهرات الإيرانية ضد سياسة المرشد والعقوبات الاقتصادية الأمريكية المشددة على إيران. ومن ثم حرائق أستراليا الهائلة والمجاعة التي تتعرض لها الحيوانات هناك، مروراً بالزلازل التي ضربت كلاً من اليابان وتركيا وكوبا والبركان الذي انفجر في الفلبين والفيضانات في عدة دول والجفاف في أفريقيا. ثم وفاة مذيعة العربية نجوى قاسم وقتيل فيلا نانسي عجرم المثير للجدل، وأخيراً وليس آخراً تفشي فيروس كورونا في الصين وإعلان الحجر الصحي على مدينة ووهان .
في المحصلة…
كل هذه المؤشرات والأحداث تجعلنا نقول إن سنة 2020 فيها ” إنَ “.