السجائر الإلكترونية .. بديل صحي أم قاتل خفي؟

4٬390

كثيراً ما تُسوَّق السجائر الإلكترونية أو ما يعرف باسم (Vaping) على أنها بديل أقل ضرراً من السجائر التقليدية وعامل مساعد على الاقلاع عن التدخين. وقد بدأت هذه العادة بالانتشار وعلى نحو واسع في أوساط أفراد المجتمات كافة، ولا سيما بين جيل الشباب، وذلك مرده إلى كونها تُسوَّق بشكل أنيق وجذاب، ناهيك عن نكهاتها الرائعة والتي تروق للكثيرين. غير أن ذلك لم  يستمر طويلاً؛ إذ نتج عنه مرض جديد غامض ما لبث أن انتشر في أوساط مستخدميها، وقد تم توثيق أكثر من 1600 حالة منه في الولايات المتحدة وحدها. كما تسبب ذلك المرض الخفي في وفاة ما لا يربو على 35 شخصاً. فهل ما زال الاعتقاد قائماً بجدوى السجائر الإلكترونية؟ التقرير التالي يحمل الإجابة عن هذا السؤال….

ما هو مبدأ عمل السجائر الإلكترونية؟

هي عبارة عن جهاز إلكتروني يعمل على البطارية يقوم بتسخين محلول مخصص ومن ثم يحوله إلى رذاذ يقوم المدخن باستنشاقه. ولعل معظم الإصدارات قابلة لإعادة الاستخدام، إلا أن بعضها يستوجب التخلص منه.

السجائر الإلكترونية-جهاز إلكتروني يعمل على البطارية

يحتوي المحلول المستخدم بشكل عام على النيكوتين، الغليسرين، هذا فضلاً عن آثار لبعض المعادن الثقيلة والكثير من المواد الخفية التي تحتفظ الشركات المصنعة بأسرارها. كما يضاف لها العديد من النكهات المختلفة، الأمر الذي ساهم في استقطابها لصغار السن، أيضاً.

هل السجائر الإلكترونية من حيث المبدأ أقل ضرراً من تلك التقليدية؟

تتشابه السجائر الإلكترونية والتقليدية من حيث احتوائها على النيكوتين، إلا أنها تتباين من حيث احتواء التقليدية على ما يزيد عن 70 مادة ثبت أنها تسبب السرطان. بينما تحتوي السجائر الإلكترونية على العديد من المواد غير المدروسة على المدى الطويل وغير معروفة التأثير. إلا أنه يمكن الافتراض بناء على المعلومات الحالية  أنها بشكل عام أقل ضرراً من التقليدية من ناحية تأثيرها المسرطن على المدى البعيد.

هل هذا يعني أن السجائر الإلكترونية صحية بشكل عام؟

بالطبع لا، فهي تحتوي ضمناً على النيكوتين، بالإضافة إلى مركب معروف السمية ويسبب الاعتماد النفسي والعضوي وصعوبة في الامتناع عنه. كما يتسبب في ارتفاع ضغط الدم وزيادة معدل ضربات القلب. ومن هنا، فهو يشكل عامل خطورة مهم للإصابة بالسكتات القلبية. وكما أسلفنا، فإن السجائر الإلكترونية تحوي العديد من المعادن الثقيلة والمواد الكيمياوية غير معروفة التأثير على المدى الطويل.

ولربما تسبب السجائر الإلكترونية إدماناً أشد بسبب إمكانية استنشاق كميات أكبر من النيكوتين بسهولة أكثر من السجائر التقليدية. إذ إن هناك أنواعاً مصنعة ومدعمة بكميات عالية من النيكوتين. كما يمكن التحكم بدرجة حرارة الاحتراق في الجهاز للحصول على تركيز أكبر من النيكوتين المستنشق.

هل تساعد السجائر الإلكترونية حقاً على الإقلاع عن التدخين؟

على الرغم من كونها تسوق على أنها وسيلة مساعدة للإقلاع عن التدخين، إلا أنها غير حاصلة على تصريح من منظمات الصحة. ولعل الدراسات التي أجريت على الأشخاص الذين يستخدمونها كوسيلة للإقلاع متضاربة بعض الشيء.  ولم تثبت لها فائدة موثقة في هذا الشأن بالمقارنة مع الوسائل المساعدة الأخرى  كلصاقة النيكوتين، على سبيل الذكر، وليس الحصر.

انتشارها بشكل كبير بين صغار السن واليافعين

طبقاً لعدد من الإحصائيات التي أجريت بدءاً من عام 2015، فقد تضاعف معدل استخدامها من قبل طلاب المرحلة الثانوية بمعدل 9 أضعاف. ولعل اللافت هنا أن ما يزيد عن 40 % منهم لم يكن يدخن في وقت سابق، ويرجع ذلك في الدرجة الأولى لاعتقادهم الخاطئ بأنها عادة صحية لا تنطوي على أي أضرار، هذا فضلاً عن انخفاض كلفة استخدامها بالمقارنة مع السجائر التقليدية، ولكونها تسوق بطعمات محببة وشكل جذاب أنيق وعصري. وتشير الدراسات إلى أن الكثير ممن يبدأ بسن صغير باستخدام السجائر الإلكترونية سرعان ما يتحول إلى تدخين السجائر التقليدية.

السجائر الإلكترونية

ماهي الأضرار المحتملة؟

سجلت العديد من المشاكل المرتبطة بتدخين السجائر الإلكترونية التي لربما يرتبط البعض منها باستخدام الجهاز نفسه. كما سجلت عدة حالات انفجار أو ذوبان الجهاز داخل الفم، ما أدى إلى إصابات وجهية وفموية وحروق بالغة. ويعود ذلك لأسباب فنية قد تتعلق بالبطارية أو بسوء التصنيع أو الاستخدام الخاطئ أو المنتجات الرخيصة. يشار إلى أنه تم تسجيل ما يربو على 2000 إصابة ناتجة عن ذلك بين عامي 2015-2017، وذلك وفقاً لإحصائية أجريت لهذا الغرض.

كما سجلت بعض حالات حدوث نوبات عصبية اختلاجية في ما قدره 128 حالة يجمع بينهم استخدام السجائر الإلكترونية. وعلى الرغم من عدم وجود دليل دامغ على أنها السبب الرئيس وراء ذلك كله، ناهيك عن أن الأمر بحاجة إلى المزيد من التحقيقات والدراسات المستفيضة، إلا أنه من المعروف أن هناك رابط بين التسمم بالنيكوتين والأذيات العصبية ونوبات الاختلاج في بعض الأحيان.

إصابات رئوية حادة وغامضة

 سجل مركز السيطرة على الأمراض الأمريكي حتى الآن 1604 إصابات حادة غير معروفة السبب يربط بينها استخدام السجائر الإلكترونية. وقد أدت تلك الإصابات حتى الآن إلى وفاة 34 شخصاً جلُّهم من الذكور ممن تقل أعمارهم عن 35 عاماً. ولعل أبرز أعراض تلك الإصابات يتمثل في سعال، ضيق تنفس مفاجئ وألم صدري،  غثيان وإقياء، تعب شديد وألم  في البطن. ومن الممكن أن تجتمع الأعراض بشكل مفاجئ وسريع، ولربما تتطور ببطء خلال أسابيع.

أما سبب هذا المرض فلا يزال يكتنفه الغموض، وهو على ما يبدو يحتاج إلى مزيد من البحث والتدقيق والتحليل. غير أن المتهمان الرئيسيان في هذه العملية هما مركب يدعى “تتراهيدروكانابينول”ومادة يطلق عليها اسم “خلات فيتامين إي”. وما زالت الدراسات مستمرة لكشف سبب هذا المرض الغامض والخطير، الذي وإن تم الشفاء منه، فلربما يترك عقابيل خطيرة في نسيج الرئتين.

السجائر الإلكترونية- يصدر عنها دخان كثيف

وقد بدأت السلطات حول العالم بمحاولة السيطرة على هذه الصناعة، ولا سيما في ما يتعلق بتسويقها لصغار السن. كما بادرت شركات عدة إلى الامتثال لذلك التوجه من خلال إيقاف تصنيع بعض المنتجات المنكهة.

نصيحة طبية

تجنب تدخين السجائر الإلكترونية أو الاستمرار في تلك العادة غير المستحبة، وتذكر أنك ستكون جزءاً من حقل تجارب لتأثيرات مواد كيمياوية مجهولة الأثر على المدى الطويل.

هل تبحث عن المزيد من المعرفة والتسلية والإثارة في الوقت عينه؟ إذن عليك قراءة المواضيع التالية:
المصدر الوكالة الأمريكية لمكافحة الأمراض جونز هوبكينس ميديسين ذا نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسين

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط للارتقاء بأداء الموقع وتجربتكم في الوقت عينه فهل توافقون على ذلك؟ قبول الاطلاع على سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط