هل تمنع الهواتف الذكية حقاً الآباء من التفرغ لأطفالهم؟

13٬252

خلصت دراسة أمريكية حديثة طالت عدداً من العائلات في الولايات المتحدة إلى حقيقة مفادها أن انشغال الأهل بأجهزة إلكترونية عدة لا ريب أبرزها الهواتف الذكية له بالغ الأثر على علاقاتهم طويلة الأمد مع أطفالهم.

ولقد أشرف على الدراسة باحثون في جامعتي إلينوي وميشيغان في الولايات المتحدة. أما نتائج الدراسة فقد نشرت  في العدد الأخير من دورية (Pediatric Research) العلمية. وقد تبين للباحثين من خلال هذه الدراسة بأن الآباء عادة يستخدمون التلفاز والحواسيب والأجهزة اللوحية والهواتف الذكية لمدة تربو على 9 ساعات يوميا تفريباً.

وأضافت أن الهواتف الذكية، والتي غالبا ما تُستخدم بكثرة بسبب قابليتها للنقل أثناء الأنشطة العائلية كالوجبات ووقت اللعب مع الأطفال ووقت النوم، تسلب ما قدره ثلث هذا الوقت تقريباً.

ووفقاً لما تمخضت عنه الأبحاث فإنه عندما ينشغل الآباء بهواتفهم الذكية أو حواسيبهم اللوحية تتلاشى تماماً تلك المحادثات التي يقضيها الآباء عادة مع أطفالهم. وليس ذلك فحسب، بل تراهم أكثر عدائية عندما يحاول أحد أبنائهم جذب انتباههم.

وبغية رصد تأثير انشغال الآباء بالأجهزة الإلكترونية على أطفالهم قام الباحثون بدراسة عادات ما قدره  172 عائلة لديها 337 طفلا يبلغ متوسط عمر الفرد منهم نحو 5 سنوات أو أقل.

موضوع يستحق القراءة أيضاً: التحديق لساعات طويلة بالشاشات يعرض الصغار للاكتئاب

ومن خلال هذه الدراسة أجاب الآباء عن مجموعة من الأسئلة يتمحور جلّها حول عدد الساعات التي يقضيها هؤلاء وهم يعبثون بأجهزتهم الإلكترونية، وذلك مقابل تبادل أطراف الحديث مع أطفالهم.

ووجد الباحثون أنه وفي جميع الحالات تقريبا، تدخل جهاز واحد أو أكثر في تفاعلات الوالدين مع أطفالهم في مرحلة ما خلال اليوم.

وأشارت الدراسة عينها أنه لربما يحول استخدام الهواتف الذكية أو الأجهزة الإلكترونية الأخرى دون تقديم الآباء للدعم العاطفي الذي ينشده الأطفال، ما يؤدي إلى لجوء الأولاد إلى سلوك أكثر صعوبة قد يتجسد في نوبات غضب، وهذا من شأنه أن يزيد من مستويات الإجهاد لدى الأهل.

من جانبه قال الدكتور براندون ماكدانيال، قائد فريق البحث: “إن انشغال الآباء بالأجهزة الإلكترونية يقود الأطفال إلى إظهار المزيد من الإحباط وفرط النشاط ونوبات الغضب. كما من شأنه أن يحد من التفاعل بين الآباء وأطفالهم. ولعل هذه النوبات الانفعالية تدفع الآباء مع مرور الوقت إلى مزيد من الانشغال بالتكنولوجيا هربا من سلوك أبنائهم، وبذلك تتفاقم المشكلة”.

وفي المقابل فإن انشغال الأولاد بأجهزتهم الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي يؤدي إلى حصولهم على ساعات نوم أقل من المعدلات الطبيعية، الأمر الذي قد يفضي في المحصلة إلى تعرضهم لمشاكل صحية جمة.

وكانت دراسات عدة حذرت من استخدام الهواتف الذكية قبل الخلود للنوم، وذلك لأسباب كثيرة لا ريب أبرزها يتمثل في إحداث خلل في دورة النوم. غير أن الضوء الأزرق الذي ينبعث من شاشة الهاتف قد يتسبب في إحداث مشاكل صحية وعقلية خطيرة لدى المستخدمين.

موضوع ذو صلة: مواقع التواصل الاجتماعي ‏تزيد العزلة وتولّد الحسد

ولا يقف  الضرر عند هذا الحد فحسب، إذ إن الضوء الأزرق الذي تصدره شاشات الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية يمكن أن يلحق الضرر بحاسة البصر على المدى الطويل. كما من شأنه أن يحول دون إفراز هرمون الميلاتونين الذي تتمثل مهمته في ضبط عمل جسم الإنسان والتحكم في دورات النوم والاستيقاظ.

يبقى لنا أن نشير إلى حقيقة مفادها أنه وفي حال حدوث خلل ما في مستويات إفراز الميلاتونين والتي تتسبب بدورها في إحداث اضطراب في دورة النوم تتزايد مخاطر تعرض الأفراد لأمراض عدة، لعل أبرزها الاكتئاب والسرطان. ناهيك عن خطر التعرض للإصابة بالسكتة الدماغية والنوبات القلبية.

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط للارتقاء بأداء الموقع وتجربتكم في الوقت عينه فهل توافقون على ذلك؟ قبول الاطلاع على سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط