نظمت ندوة الثقافة والعلوم في دبي، المجلس الرمضاني العلمي، الذي يعقد سنوياً، تزامناً مع الشهر الكريم، تحت عنوان «الذكاء الاصطناعي وأبعاده التكنولوجية والاجتماعية»، وشارك في المجلس كل من الدكتور سعيد خلفان الظاهري، رئيس مجلس إدارة شركة سمارت ورلد، والدكتور علي بن سباع المري الرئيس التنفيذي لكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، والدكتور محمد العلماء الأمين العام لجمعية الإمارات الطبية، والدكتور حمد المرزوقي خبير أول مركز محمد بن راشد للفضاء، وخليفة جمعة القامة مسؤول مشاريع خاصة في مؤسسة دبي للمستقبل، والدكتور حمد منصور العور مخترع البصمة الحركية الجنائية، والمهندس بشار كيلاني المدير الإقليمي لشركة IBM.
وأدار الجلسة الأستاذ علي عبيد الهاملي، نائب رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم بدبي، متحدثاً عن أهمية الذكاء الاصطناعي وضرورته وأكد تبني قيادة الإمارات للابتكار والعلم والتقنية لمواكبة الركب العالمي في المعرفة والابتكار.
تعريف الذكاء الاصطناعي
دارت محاور المجلس حول تعريف الذكاء الاصطناعي ودوره في تحقيق الأهداف الاستراتيجية لدولة الإمارات وضرورة توفير البيانات والبنية التحتية لبناء منصة لأبحاث واختبارات الذكاء الاصطناعي. وتطرق الأستاذ الهاملي إلى دور الجامعات والمراكز البحثية في طرح برامج متخصصة لتأهيل الخبرات الوطنية لشغل الوظائف المستقبلية القائمة على الذكاء الاصطناعي.
كانت البداية مع الدكتور سعيد خلفان الظاهري الذي عرّف الذكاء الاصطناعي بأنه تمكين الآلة من التحلي ببعض مزايا قدرات الذكاء البشري، ومنها التعلم والاستنتاج والرؤية والاستبصار ومعالجة اللغات الطبيعية. وألمح إلى أنه يعرف أيضاً بمصطلح الكهرباء الجديدة، أي كما كانت الكهرباء فاتحة لتغير شامل في أسلوب حياة الناس. إذ كانت البداية مجرد إنارة مصباح كهربائي وكما نراها اليوم تدخل في كل شيء، وكذلك الذكاء الاصطناعي فإننا لا نرى منه اليوم إلا ذلك المصباح الذي يبشر بتغير هائل في أسلوب حياة البشرية.
أنواع الذكاء الاصطناعي
وينقسم الذكاء الاصطناعي إلى ثلاثة أنواع او مراحل؛ الذكاء الاصطناعي الدقيق (Narrow) وهو ما نقرأ ونسمع عنه حالياً حيث يكون متخصصاً في مجال محدد، والنوع الثاني هو الذكاء الاصطناعي العام (General)، وهو غير موجود حالياً، وتجري أكثر من 40 شركة عالمية أبحاث في هذا الشأن، والنوع الثالث هو الذكاء الاصطناعي الفائق (Super) ومن المتوقع توفره ما بين 2040 – 2047، وحينها تكون الآلات قادرة على التصرف من تلقاء نفسها.
الإمارات العربية المتحدة كانت من الدول السباقة التي أطلقت استراتيجيتها للذكاء الاصطناعي في العام 2017 وتضمنت العديد من المؤشرات والأهداف ومن أهم تطبيقاتها: 100% من خدمات الخط الأول عبر الذكاء الاصطناعي، دمج الذكاء الاصطناعي بنسبة 100% في الخدمات الطبية، دمج الذكاء الاصطناعي في الخدمات الأمنية الخاصة بتحديد الهوية، زيادة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الوظائف الروتينية.
إليكم في ما يلي اللقاء الذي أجريته مع المهندس بشار كيلاني، المدير الإقليمي لشركة “آي بي إم” في الخليج العربي وبلاد الشام:
منتجات الذكاء الاصطناعي ستشكل 16% من الناتج المحلي الإجمالي
تحدث المهندس بشار كيلاني، المدير الإقليمي لشركة آي بي ام في الخليج العربي وبلاد الشام، وأكد على أنه بعد نحو 12 عاماً ستشكل منتجات وخدمات الذكاء الاصطناعي ما قدره 16% من الناتج المحلي الإجمالي، أي ما يعادل 100 مليار دولار زيادة في الناتج المحلي الإجمالي في الإمارات. لذلك أعلنت بريطانيا عن خطة طموحة لدعم 1000 رسالة دكتوراة في الذكاء الاصطناعي خلال عامين. أما فرنسا فوضعت استراتيجية كاملة للذكاء الاصطناعي.
من أين ستأتي هذه 16%؟ حسناً، سيأتي 30 – 45% منها من ما يسمى الذكاء المدعّم حيث ستزداد إنتاجية أصحاب المهن العلمية مثل الطبيب والمهندس، فيما ستأتي 60% الباقية من قطاعات جديدة لم تكون موجود من قبل، إلى جانب تطوير قطاعات حالية مثل الهندسة والإدارة حيث ستتغير كل مهنة معروفة اليوم بشكل جذري، والمهن التراتبية الروتينية ستختفي وتحل محلها وظائف جديدة ذات مؤهلات أعلى. وستبرز تحديات جديدة في كيفية إدارة الحوسبة الإدراكية وأفضل استخدام هذا المصطلح لكون الكمبيوتر اليوم بات قادراً على أن يرى ويسمع بمستوى أفضل من الإنسان ويقرأ بلغات أكثر من الإنسان، بل ويشعر أكثر من خلال إنترنت الأشياء. باختصار تمتلك الحوسبة الإدراكية قدرات تفوق قدرات الإنسان.
صنع في الإمارات
يقدم الذكاء الاصطناعي للإمارات والدول الأخرى فرصة بناء اقتصاد قائم على المعلومات، لدينا في حكومة دبي الذكية (دبي ناو) المساعد الصوتي راشد، ويمكنك أن تسأله عن المعلومات الإدارية، تلقى راشد تعليمه عن طريق موظفي خدمة العملاء وتم تدريبه كما يتم تعليم الأطفال، وأصبح اليوم قادراً على الإجابة على 2000 سؤال، وأرى أن راشد أفضل من أقرانه لأنه تلقى تعليمه في دولة الإمارات التي تعيش فيها أكثر من 196 جنسية أي أنه تعلم في بيئة متعددة الثقافات، بينما غيره تعلم في بيئة ذات ثقافة ولغة واحدة.
الذكاء الاصطناعي يتكلم العربية
تمكنت شركة IBM وبالتعاون مع مبادلة للاستثمار من تعريب نظام واطسون للذكاء الاصطناعي. وبذلك أصبح الذكاء الاصطناعي يتعلم ويتكلم العربية بعد الإنكليزية والإسبانية واليابانية، وهذا يفتح الباب واسعاً أمام إثراء الناتج الوطني المحلي من خلال تطوير وتصدير منتجات وتجهيزات الذكاء الاصطناعي.
امتلاك التقنيات الحديثة من أهم مقومات النجاح
من جانبه أشار الدكتور علي بن سباع المري، أن امتلاك التقنية الحديثة هي أهم مقومات النجاح في عصر الثورة الصناعية الرابعة الذي نعيشه والذي يشكل الذكاء الاصطناعي أحد العناوين الكبيرة ضمن خارطة الثورة الصناعية الرابعة، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقوم بدور مستشار للإنسان في العديد من المجالات ومنها المستشار القانوني، والعديد من مهام الموارد البشرية، والوظائف ذات الطبيعة التكرارية مثل مراكز الاتصال والاستقبال، واختتم بقوله فلا أقلّ من أن نكون مستخدمين أذكياء لما هو متوفر بين يدينا من أدوات ذكية مثل الساعة والهاتف وغيرها من التطبيقات والأجهزة الذكية المنزلية.
الذكاء الاصطناعي يستخدم في عملية تخطيط القلب
وعن التطبيقات الطبية، أوضح الدكتور محمد سلطان العلماء، المتخصص في جراحة الأعصاب، يستخدم الذكاء الاصطناعي في عملية تخطيط القلب ECG منذ العام 1990، وفي مجال جراحة المخ تعتمد الأجهزة على الذكاء الاصطناعي باعتباره جهاز الملاحة ليقود الطبيب من الطريق الأسلم حتى الوصول إلى منطقة الورم دون إيذاء الأوعية والنسج الدقيقة في جسم الإنسان.
وأشار الدكتور حمد المرزوقي، بما أنه لا يوجد تعريف أكاديمي للذكاء الاصطناعي فمن الطبيعي أن لا يكون للذكاء الاصطناعي تعريف ثابت ومحدد، لأن كل إنسان ومن واقع خبرته وتجربته استفاد من الذكاء الاصطناعي بأسلوب مختلف لذلك يعرفه ويصفه من خلال تجربته. لذلك فأنا أركز على الأهالي والجيل القادم على دراسة البرمجيات ولغات البرمجة الذكية، ومن ثم خوارزميات تحليل البيانات فكل مهن المستقبل ستعتمد بشكل أساسي على هذين التخصصين ومنتجاتهما، ومن العناوين في هذا المجال نظرية الألعاب والتعلم العميق وغيرها.
الذكاء الاصطناعي يعزز “ثورة” اكتشاف الكهرباء
في الختام، لفت الأستاذ خليفة جمعة القامة، إلى أن عام 1600، شهد اكتشاف الكهرباء، التي غيرت أموراً كثيرة في حياتنا وساهمت في خلق المزيد من الاكتشافات والاختراعات. وتابع: إن الذكاء الاصطناعي يعزز ويرفد فعلياً “ثورة” اكتشاف الكهرباء. إذ يوفر قدرات وإمكانات هائلة للاستفادة من قدرتها في كافة المجالات.