ما من شك في أن الاهتمام بالقراءة قد انحسر وأن نجمها قد بدأ بالأفول وخبا معه بريقها. إذ شهد عصرنا الحديث تراجع الإقبال على الكتاب، بحيث سكنت فورته، حتى غدا ذلك بمثابة سرطان راح يتغلغل في مختلف بلدان العالم، إلا أن الفرق ما زال واضحاً للعيان بين العالم العربي ومختلف البلدان الأجنبية.
فمشهد القراءة ما زال يجسد عادة سائدة في مختلف المجتمعات الأجنبية، وهو ظاهرة لا ننفك نراها في مواطن عدة، لعل من أبرزها مقصورات المترو، وعلى متن الحافلات والقطارات، وفي ساحات المقاهي وفي ربوع الحدائق، وحتى في صالات الانتظار والمطارات، لكن قلما نجد منظراً مشابهاً في أوطاننا العربية.
وهناك أسباب مختلفة لهذه الظاهرة، منها ما تفيض به أحوال بلداننا العربية، وطبيعة العصر والتطور التكنولوجي، ومفاهيم الأجيال، واختلاف الأولويات لدى الفرد والمجتمع، ناهيك عن التراجع العربي الماضي قدماً، والذي قد يكون بدوره سبباً في خبو بريق القراءة لدى الفرد وخفوت تألقه الفكري.