لا يدخر العلماء جهداً لإيجاد موادٍ مناسبة لتكون بديلاً للأنسجة البشرية لاستخدامها في حالات تعويض فقدان أو تلف الأعضاء. بيد أن معظم المواد المستخدمة حالياً غير مثالية، وتحمل معها الكثير من السلبيات، مثل رفض الجسم لوجودها وتحريضها لتفاعلٍ مناعي مخرب. كما أن العديد من المواد المستخدمة اليوم، كالبوتوكس على سبيل المثال وليس الحصر، هي موادٌ شديدة السمية. لذا برزت الحاجة إلى ابتكار موادٍ جديدة تتكامل مع أنسجة الجسم بفعالية وأمان.
وليدة الصدفة
ابتكر باحثون من جامعة تشالمرز للتكنولوجيا في السويد، مادةً جديدةً تشبه المطاط تمتلك مجموعةً فريدة من الخصائص والتي يمكن أن تعمل كبديلٍ للأنسجة البشرية في الإجراءات الطبية. أما أساس المادة فهو مزيج يسمى الزجاج الشبكي، وهي مادةٌ شائعةٌ في تطبيقات التكنولوجيا الطبية. ومن خلال إعادة تصميمها، عبر عمليةٍ تسمى النمذجة النانوية، اكتسبت تلك المادة مجموعةً فريدةً من الخصائص. ولقد تمثل هدف الباحثين الأول من وراء تلك العملية في إنتاج مادةٍ صلبةٍ تشبه العظام، لكنهم حصلوا على نتائج مفاجأة.
يقول أناند كومار قائد فريق البحث والحاصل على دكتوراه في علم المواد: “لقد فوجئنا بأن المواد أصبحت ناعمةً ومرنةً للغاية. وعلى الرغم من أن تلك المواد لن تكون بمثابة بديل للعظام، ولكن الخصائص الجديدة التي حصلنا عليها كانت غير متوقعة وجعلت اكتشافنا مثيرًا. كما قدمت لنا مادةً جديدةً ذات مرونةٍ عاليةٍ وقابلة للمعالجة بسهولة ومناسبة جداً للاستخدامات الطبية”.
مادة مضادة للجراثيم ومحملة بالأدوية
يسمح هيكل مادة المطاط النانوي الجديدة، بمعالجة سطحه بحيث يصبح مضادًا للبكتيريا، يتم تحقيق ذلك عن طريق لصق الببتيدات المضادة للميكروبات، وهي بروتيناتٌ صغيرةٌ تشكل جزء من جهاز المناعة الفطري، على سطح المادة. وبالتالي يمكن أن يساعد ذلك في تقليل الحاجة إلى المضادات الحيوية، وهذا عاملٌ مهمٌ في مكافحة مقاومة المضادات الحيوية المتزايدة.
ميزة أخرى تتمع بها هذه المادة وتكمن في كونها تحتوي على مسامات نانوية ثلاثية الأبعاد، ما يسمح بتحميلها بعناصر دوائية، الأمر الذي من شأنه أن يعمل على تحسين الشفاء وتقليل الالتهاب بعد زرع المادة كبديل للأنسجة. وهو أمرٌ يمكن أن يساعد في تقليل الآثار الجانبية ويعزز الترابط بين الزرعة والأنسجة الحية المحيطة.
حقن المادة عبر ثقب صغير بدل الجراحة المفتوحة
نظرًا لخصائص المادة الفريدة ومرونتها العالية، يمكن حقنها وإدخالها للجسم عن طريق ثقب صغير، ما يلغي الحاجة إلى جراحة جذرية وعمليات لإعادة بناء أجزاء من الجسم. إذ يمكن حقن المادة كسائلٍ لزج، لتتبلور داخل الجسم وتملأ الفراغ المطلوب. كما ويمكن أيضًا تشكيل المادة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد في هياكل محددةٍ حسب الحاجة.
تطبيقات سريرية لاحصر لها
ولعل أول تطبيق عملي لذلك تمثل في تصنيع قسطرة بولية ضمن المثانة. ويمكن بناء المادة بطريقةٍ تمنع نمو البكتيريا على السطح، ما يسمح بإبقاء القسطرة لفترةٍ طويلةٍ دون الحاجة لتبديلها أو القلق بشأن الالتهابات التي قد تسببها القساطر البولية التقليدية. كما ويعمل الباحثون على تطبيق فريد بحقن المادة ضمن المفاصل لتحل مكان الغضاريف المفصلية المتهتكة والتي تسبب تلف المفصل وتثير ألماً شديداً وتحد من إمكانية الحركة.
إذا كنت تبحث عن المزيد من المعرفة والتسلية فلا بد لك من قراءة المواضيع التالية:
-
دعماً لجهود المملكة في الحد من انتشار فيروس كورونا.. تمكين للتقنيات تطلق مبادرة “وطن ما يوقف”
-
تقنية جديدة لعلاج فتق الأقراص الفقرية
-
أول لقاح مضاد لفيروس كورونا المستجد يُحقن في جسم متطوعة
-
سيفن تايدز تقدم خطة دفع مفتوحة ومرنة ومساحات مكتبية متكاملة
-
كيف تبدو حياة نجوم كرة القدم في زمن كورونا؟