“في المعدة خلوة لا يملؤها إلا الحلوى” .. مقولةٌ يُثبت صحتها العلم

1٬670

ثمة شعورٌ مألوفٌ للغاية لدى الغالبية العظمى من البشر يتمثل في الرغبة في تناول الحلوى على الرغم من الشعور بالشبع والامتلاء الشديد بعد وجبةٍ كبيرة. بالنسبة لأولئك الذين يكافحون من أجل تغيير ذلك الشعور المتمثل في الضعف أمام إغراء الحلوى، يمكنهم تعزية أنفسهم بأنه ليس مجرد نهمٍ وضعف إرادة، بل غزيرةٌ متأصلة في عقولنا.

أثبت الدراسات أن تعبير “معدة الحلوى” يعتبر حقيقةً علمية، وهذا بسبب شيء يسمى “الشبع الحسي الخاص” أو (Sensory-specific” “satiety). ببساطة، فهذا يعني أنه كلما زاد تناولك لنوعٍ من الأكل، كلما تراجعت اللذة التي تشعر بها، مما يمنحك الانطباع بأنك ممتلئ. ومع ذلك، فأنت لا تشعر بالرضا والسعادة والكاملة بعد الاكتفاء من هذا المذاق أو الملمس أو النكهة.

 شعور السعادة يتناقص مع ازدياد كمية الطعام 

تقول باربرا رولز، أستاذة علوم التغذية في جامعة بن ستيت في الولايات المتحدة والباحثة في هذا المجال على مدى ما يربو على 40عاماً: “إن انخفاض معدل السرور الذي يسببه تناول الطعام يعود إلى نوعية الطعام الذي تتناوله. لذا، وعلى الرغم من أنك قد تفقد شهيتك لذلك النوع من الطعام، إلا أن الاطعمة المختلفة ستظل جذابةً. ولهذا السبب دائمًا ما يكون لديك مكانٌ للحلوى في معدتك.”

أظهرت أستاذة العلوم  رولز بأن الطعام لا يصبح أقل لذةٍ مع تناول كميةٍ أكبر فحسب، بل تصبح  رائحته ورؤيته أقل جاذبيةً أيضاً. وهذا يشجعنا على تجربة شيء مختلف. تخلص النظرية أن ظاهرة “الشبع الحسي الخاص” تطورت للحفاظ على صحتنا. فالحد من شهيتنا لأحد الأطعمة وتشجيعنا على التحول إلى طعام آخر، يزيد من احتمالات حصولنا على جميع العناصر الغذائية التي نحتاجها.

التوق لتناول الحلوى غريزة متأصلة

غريزةٌ تولد معنا

تعود قواعد هذه النظرية، إلى دراسةٍ كلاسيكية تعود إلى العشرينات من القرن الماضي، عندما سمح طبيب أطفالٍ في شيكاغو، للأطفال الرضع المفطومين حديثًا بتناول ما يحلو لهم من مجموعةٍ واسعةٍ من الأطعمة. وضعت موائد تحتوي على أطباق صغيرة يضم كل منها طعامٍ مختلف أمام أسرة الأطفال. انتظرت ممرضة الطفل للوصول إليه أو الإشارة إليه قبل إطعامهم بالملعقة. قام معظم الاطفال بالتركيز على طعامٍ معينٍ لفترة قصيرة. ومع مرور الوقت، انتقل معظمهم لتناول عدة أصنافٍ سوية، مما دفع الباحثين إلى استنتاج وجود “آلية تلقائية فطرية”. يبدو أن “الشبع الحسي الخاص” هو تلك الآلية.

نهمُ ينمو معنا

لإثبات هذه النظرية عند البالغين، أجريت التجربة كالتالي، حصل المتطوعون على طبقٍ كبيرٍ من جبنة المعكرونة وطُلب منهم أن يأكلوا حتى الشبع. ثم تم إعطاؤهم كميةً إضافيةً من جبنة المعكرونة بمثابة “حلوى”. طُلب منهم التقييم، مدى اهتمامهم بالوجبة، وقياس الكمية التي يتناولونها. بدأ متوسط ​​مستوى الاهتمام بالمعكرونة في 6.2 من أصل عشرة، قبل أن ينخفض ​​إلى 1.3 بعد الشبع. في المتوسط​​، تمكنوا فقط من تناول أوقيةٍ واحدةً من المعكرونة “الحلوى”، وبحلول الوقت الذي انتهوا من تناول الطعام، كان اهتمامهم بجبنة المعكرونة يبلغ 0.2 من أصل عشرة.

تكررت التجربة في يوم آخر، لكن المتطوعين حصلوا على المثلجات بدلاً من تناول المزيد من المعكرونة. كما تم استجوابهم حول اهتمامهم بالمثلجات طوال الوجبة، تناولوا من الحلوى ما يعادل ثلاثة أضعاف كمية المعكرونة الإضافية.

لا يفسر “الشبع الحسي الخاص” سبب صعوبة رفض الحلوى فحسب، بل يسلط الضوء أيضًا على السبب في أنه من السهل جدًا تناول وجبةٍ دسمةٍ إضافيةٍ في حفلة شواء أو بوفيه حيث يوجد مجموعةُ متنوعةُ من الأطعمة المعروضة.

الحلوى إغراء يصعب على الكثير مقاومته

ظاهرةٌ تساهم في تفاقم السمنة في العصر الحديث

تقول البروفيسورة رولز أن هذه الظاهرة تجعل من الصعب علينا أن نقاوم التنوع الكبير من الأطعمة المتوفرة في عالم اليوم، وبالتالي تسهم في انتشار السمنة.

 السبب العضوي وراء “الشبع الحسي الخاص” غير واضح، لكن الإجابة قد تكمن في الدماغ. أظهرت التجارب التي أجرتها جامعة أكسفورد أن الخلايا في مراكز المكافآت في الدماغ، والتي تنتج مشاعر السعادة، تستجيب بشكلٍ أقل للغذاء عند تناوله بكمياتٍ مشبعة. ومع ذلك، إذا تم تناول عيناتٍ من طعام آخر، تصبح الخلايا مستجيبة تمامًا مرة أخرى.

من الصعوبة على الكثيرين مقاومة إغراء “معدة الحلوى”، وينصح إذا كنت تحاول إنقاص وزنك والمحافظة عليه، فقم على الأقل بصنع الحلويات التي لا تحتوي على السعرات الحرارية، مثل سلطة الفاكهة أو اللبن (الزبادي) أو التمر.

إقرأ المزيد:
المصدر ديلي ميل أكاديميا

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط للارتقاء بأداء الموقع وتجربتكم في الوقت عينه فهل توافقون على ذلك؟ قبول الاطلاع على سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط