خلايا الجهاز المناعي تبتلع الذكريات القديمة

4٬455

تشير دراسةٌ جديدةٌ أجريت على الفئران إلى أن خلايا المناعة في المخ تمضغ الذكريات القديمة، ولا سيما السيئة منها. ويشير هذا الاكتشاف إلى فهم طريقةٍ جديدةٍ تمامًا لكيفية قيام الدماغ بالنسيان والتخلص من الذكريات القديمة، ولا ريب المخيفة منها والمرتبطة بأحداثٍ مريرة.

حاجةٌ دائمةٌ لإعادة الترتيب وتوضيب الذكريات

يقول عالِم الأعصاب بول فرانكلاند من مستشفى معهد أبحاث الأطفال المرضى في تورنتو: “قد يبدو هذا شيئًا سيئًا، لكن النسيان لا يقل أهمية عن التذكر. العالم يتغير والمعلومات تتدفق باستمرار، والتخلص من الذكريات غير المهمة، مثل قائمة الإفطار قبل شهرين، يسمح للدماغ بجمع معلوماتٍ أحدث وأكثر فائدة”.

آلية عملٍ غامضة

كيفية تخزين الدماغ للذكريات لا تزال موضع نقاش، ولكن العديد من العلماء يعتقدون في أن الاتصالات بين مجموعاتٍ كبيرةٍ من الخلايا العصبية التي تسمى نقاط التشابك العصبي  تلعب دوراً هاماً في تخزين الذكريات واستعادتها وتدمير أو تغيير هذه الشبكات، من شأنه محي الذكريات التي تخزنها.

جهاز المناعة يبتلع الذكريات القديمة

إزالة الحطام من الدماغ

النتيجة الجديدة تُظهر أن الخلايا المناعية الدبقية الصغيرة التي وظيفتها إزالة الحطام من الدماغ  تلعب دوراً في تنظيم الذكريات والتخلص من القديم والمهمل منها عن طريق إزالة التشابكات العصبية وابتلاعها.

يقول يان جو، عالم الأعصاب في كلية الطب بجامعة تشجيانغ في هانغتشو بالصين: “تلعب البالعات الدبقية الصغيرة  دور البستاني ومهندس الحدائق في الدماغ، حيث تشذب التشابكات الإضافية الزائدة والمهملة في وقتٍ مبكرٍ من الحياة. ونظرًا لأن المشابك لها دورٌ كبيرٌ في تخزين الذاكرة، بدأنا نتساءل عما إذا كانت الخلايا الدبقية الصغيرة قد تحفز النسيان عن طريق القضاء على المشابك العصبية”.

ذكريات مؤلمة

أعطى الفريق لأول مرة الفئران ذكرى غير سارة على شكل صدماتٍ كهربائيةٍ خفيفةٍ على القدم ضمن قفص معين. بعد خمسة أيام من الصدمات، بقيت الفئران تتجمد خوفًا عند وضعها في ذات القفص. لكن بعد مرور 35 يومًا، بدأوا في النسيان ولم يخافوا من دخول القفص.

بعد ذلك، استخدم الباحثون دواء للتخلص من الخلايا البالعة الدقيقة في أدمغة بعض الفئران. جمدت الفئران التي تحتوي على عدد أقل من الخلايا الدبقية الصغيرة في القفص أكثر من الفئران ذات الأعداد الطبيعية من الخلايا الدبقية الصغيرة، مما يشير إلى أن تلك القوارض احتفظت بالذاكرة المخيفة عكس أقرانها ممن لديهم بالعات دبقية صغيرة اقل.

ولإكمال الدراسة، قام العلماء بتمييز الخلايا العصبية التي تخزن الذاكرة المخيفة بصبغة متوهجة وأعطت الفئران دواء أبقى هذه الخلايا الحاملة للذاكرة صامتة غير قادر على إطلاق الإشارات. بدت هذه الذكريات الصامتة غير المستخدمة أكثر عرضة للإلتهام من قبل للخلايا الدبقية الصغيرة. يقول غو إن هذا الاكتشاف يوحي بأن “الذكريات الأقل استخداماً ومراجعة هي الاكثر عرضة للإزالة”.

الجهاز المناعي يتخلص من الذكريات المؤلمة

النتائج تفسر جزءاً بسيطاً من اللغز

النتائج تنطبق على نوعٍ معين من الذاكرة، الذكريات المخزنة في منطقة تدعى الحصين. وهي محطة تخزينٍ قبل أن تنتقل الذكريات إلى التخزين الطويل المدى. لا يعرف الباحثون حتى الآن ما إذا كان للخلايا الدبقية الصغيرة تأثيرٌ مماثلٌ على المشابك المرتبطة بالذاكرة في أماكن أخرى من الدماغ.

من غير الواضح أيضًا سبب بقاء بعض الذكريات القديمة دون إزالة. يقول جو إن المشابك تلك المشابك قد تكون متينة للغاية، أو ربما يتم تخزين تلك الذكريات حيث تكون الخلايا الدبقية الصغيرة أقل نشاطًا. أو ربما يقوم الأشخاص بإعادة النظر في هذه الذكريات والحفاظ عليها قوية، حتى لو لم يكونوا على وعي بذلك.

إقرأ المزيد:
المصدر سايانس نيوز مجلة العلوم

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط للارتقاء بأداء الموقع وتجربتكم في الوقت عينه فهل توافقون على ذلك؟ قبول الاطلاع على سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط