على مدى العقود القليلة الماضية، تم تطوير عدد قليل جدًا من المضادات الحيوية الجديدة. ولعل الغالبية العظمى من تلك المضادات الحيوية المعتمدة حديثًا ليست سوى أنواع مختلفة بعض الشيء عن الأدوية المتوفرة. إذ إن الأساليب الحالية المتبعة في اكتشاف المضادات الحيوية الجديدة تعد باهظة التكلفة، وهي فوق ذلك تتطلب وقتاً طويلاً، وعادة ما تقتصر على طيف ضيق من التنوع الكيماوي.
وتواجه البشرية أزمة متنامية بسبب مقاومة الجراثيم للمضادات الحيوية، بسبب تزايد نسبة أجيال الجراثيم المقاومة للعلاج، حيث تقدر مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية حالياً أن ما لا يقل عن 2.8 مليون شخص يصابون بعدوى مقاومة للمضادات الحيوية كل عام في الولايات المتحدة ويموت أكثر من 35000 شخص من جراء ذلك.
حليف بقدرات هائلة
باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي، إكتشف باحثو معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا مركبًا حيويًا جديدًا كليا. كان قادرا في الاختبارات المعملية على قتل أكثر أنواع البكتيريا المسببة للأمراض في العالم، بما في ذلك بعض السلالات المقاومة لجميع المضادات الحيوية المعروفة.
تم تصميم نموذج الكمبيوتر، الذي يمكنه فحص أكثر من مائة مليون مركبة كيمياوية في غضون أيام، لانتقاء المضادات الحيوية المحتملة التي تقتل البكتيريا باستخدام آليات مختلفة كلياً عن الأدوية المتوفرة حالياً.
علم الآلة ثم أطلق يدها
للعثور على مضادات حيوية جديدة، قام الباحثون أولاً بتدريب خوارزمية التعلم العميق للتعرف على أنواع الجزيئات التي تقتل البكتيريا وظريقة عملها. وللقيام بذلك، قاموا بتغذية البرنامج بمعلومات الخصائص الذرية والجزيئية لما يقرب من 2500 دواء ومركب طبيعي. ما إن تعلمت الخوارزمية ما هي الخصائص الجزيئية التي تولد الخصائص المضادة للجراثيم ، أطلق العلماء العنان للنظام للغوص في مكتبة تضم أكثر من 6000 مركب قيد الدراسة لعلاج مختلف الأمراض البشرية. بدلاً من البحث عن أي مضادات الميكروبات المعروفة، ركزت الخوارزمية على المركبات التي تبدو فعالة، ولكن تعمل بطرق مغايرة للمضادات الحيوية الموجودة. وقد عزز هذا من فرص اكتشاف أدوية جديدة كلياً لم تخطر على بال العلماء من قبل.
ساعات قليلة من البحث أغنت عن سنوات من التجربة
وقال جوناثان ستوكس، قائد فريق الباحثين، إن الأمر استغرق بضع ساعات حتى تقوم الخوارزمية بتقييم المركبات والتوصل إلى بعض المضادات الحيوية الواعدة. الأولى، التي أطلق عليها الباحثون اسم “هاليسين” (Halicin)، بدت فعالة بشكل خاص. حيث أظهرت الاختبارات التي أجريت على البكتيريا التي تم جمعها من المرضى، أن الهليسين قتل مرض عصية السل المتفطّرة، كما قام الهاليسين بتطهير الإصابات المعوية الصعبة والمعندة على الأدوية في الفئران.
للبحث عن المزيد من الأدوية الجديدة، انتقل الفريق بعد ذلك إلى قاعدة بيانات رقمية ضخمة تضم حوالي 1.5 مليار مركب. وبعد ثلاثة أيام، أعاد البرنامج قائمة مختصرة تضم 23 من المضادات الحيوية المحتملة، يبدو أن اثنين منها واعد وفعال. ينوي العلماء الآن البحث في المزيد من قاعدة البيانات.
اختصار للوقت والتكلفة
وصرح ستوكس إنه كان من المستحيل فحص جميع المركبات بالطريقة التقليدية للحصول على المواد أو صنعها ثم اختبارها في المختبر. “القدرة على إجراء هذه التجارب في الكمبيوتر تقلل بشكل كبير من الوقت والتكلفة للنظر في هذه المركبات”
آفاق جديدة
يخطط الباحثون أيضًا لاستخدام نموذجهم لتصميم مضادات حيوية جديدة ولتحسين الجزيئات الموجودة. على سبيل المثال، يمكنهم تدريب النظام لإضافة ميزات من شأنها أن تجعل البحث أكثر انتقائية باستهداف طيف معينً من الجراثيم، مما يجعله فعالاً ضد البكتيريا الضارة ويمنعه من قتل البكتيريا المفيدة في الجهاز الهضمي للمريض.
يقول روي كيشوني، أستاذ علم الأحياء وعلوم الكمبيوتر، في هذا السياق: “هذا العمل الرائد يدل على حدوث تحول في اكتشاف المضادات الحيوية وفي اكتشاف الأدوية بشكل عام، سيسمح هذا النهج باستخدام التعلم العميق في جميع مراحل تطوير المضادات الحيوية، من الاكتشاف إلى تحسين الفعالية والسمية من خلال التعديلات الدوائية والكيمياء الطبية.”
إذا كنت تبحث عن المزيد من المعرفة والتسلية فلا بد لك من قراءة المواضيع التالية:
-
الذكاء الاصطناعي يبتكر دواء جديداً
-
دواء مضاد للملاريا ينجح في علاج فيروس كورونا
-
هيتشز أند غليتشز تطلق تطبيقاً مبتكراً لصيانة المنازل
-
الهواتف الذكية قد تقي من الإصابة بالنوبة القلبية
-
نعم..على ما يبدو فإن سنة 2020 فيها “إنّ”