التربية بين الماضي والحاضر

4٬910

لا ريب في أن أي تطور للمجتمع تصاحبه عادة تغيرات تطال أفراده، وذلك بدءاً من أصغر جيل وحتى أكبره، فالمجتمع ليس مجرد فئة عمرية بعينها تمتلك المستوى الثقافي والفكري والمادي والعلمي نفسه، بل يتباين أفراده فيما بينهم وفقاً للبيئة التي ترعرعوا فيها منذ نعومة أظفارهم.

ومما لا شك فيه أن مصادر التعلم باتت مختلفة بين عهد الآباء والأبناء، حيث كان الآباء يعتمدون على ما تعلموه في المدارس والجامعات وغيرها، وعلى ما اطلعوا عليه من وسائل إعلام مقروءة ومكتوبة ومسموعة، هذا فضلاً عن خبرات أناس لهم باع طويل في معترك الحياة وتفاصيلها الدقيقة.

التربية

الحال في وقتنا الراهن

ففي وقتنا الراهن طرأ تبدل واضح على مصادر المعلومات في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والعولمة، فلم يعد الابن يكتفي بما يجده في المكتبة المدرسية والوسائل التقليدية الأخرى، بل بات يعكف على نهل المعرفة  عن طريق الشبكة العنكبوتية والمواقع التعليمية الإلكترونية الأخرى، هذا فضلاً عن سبر أغوار الهواتف الذكية، حتى غدا التماس بين الولد والوالدين في حدوده الدنيا، ولا سيما في حال عمل الوالدين خارج المنزل بسبب متطلبات الحياة التي تتزايد يوماً إثر يوم.

التربية والتعليم

دور الأهل في ضوء تلك التغيرات

وهنا أصبح دور الأهل يتمثل في الإشراف والتوعية عن كثب، وأحياناً عن بعد، وتقديم النصح بأسلوب الحوار والنقاش والبعد عن النصائح المباشرة واتباع نهج ديمقراطي يعتمد على الحوار والتحليل والمنطق العقلاني، ذلك  لأن هذا الجيل لم يعد يتقبل أي أمر يمليه عليه غيره إلا إبان اقتناعه بالبراهين والأدلة الواضحة وضوح الشمس في خط الأفق.  وهنا نجد أن التربية باتت أصعب من ذي قبل، ذلك لأن الابن لم يعد كالسابق مصادر تعلمه قليلة ومحدودة ولم يعد يتقبل أي أمر إلا بالاقناع والحجج والتحليل العلمي، وبالتالي أثقلت كاهل الأهل مسؤوليات جمة وكبيرة ووجب عليهم نشر سياسة التوعية لدى أطفالهم بأسلوب مناسب وبشكل يتفق ومبادئ الأديان السماوية، من جهة، وتراثنا الأخلاقي والاجتماعي، من جهة أخرى.

التربية والتعليم في العصر الحديث

كيف يجب أن تبدو عليه إذاً الرقابة الأبوية؟

إذاً الرقابة الأبوية المدعومة بأسلوب التوعية والحوار والتوجيه وبمعزل عن أي تعنيف تعد من أهم ما يتعين على الأهل القيام به، وذلك كي تبقى الامور تحت السيطرة وضمن حدود المعقول.  واما المنع باستخدام العنف والسلطة الأبوية فلن تجدي نفعاً، ذلك لأن كل ما يفرض يرفض عادة.

التربية والتعليم حالياً

المحصلة

في ظل التغيرات التي طرأت على ميادين الحياة كافة، بات يتعين على الجميع التكيف والتأقلم معها بمرونة لا تكاد تخلو من المعرفة، وعلى نحو لا يتناقض وأخلاقيات نشأنا في ظلها وقيم وازعة زرعت في نفوسنا منذ نعومة أظفارنا.  ولا ريب في أن هذا الأمر لا يتم عادة في طرفة عين، وإنما تدريجياً وبنفس طويل، عسى نصل في نهاية المطاف إلى ما نصبو اليه.

إقرأ أيضاً:

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط للارتقاء بأداء الموقع وتجربتكم في الوقت عينه فهل توافقون على ذلك؟ قبول الاطلاع على سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط