الاجهاد الوظيفي.. قاتل صامت يُجهز على آلاف الأشخاص حول العالم

5٬351

يعاني كثيرون في ظل نمط الحياة العصري من الاجهاد الوظيفي المزمن الذي قد يصل لمرحلة تدعى بالاحتراق الوظيفي.  ونادراً ما يدرك الإنسان تلك الحقيقة المرة. ولعل ذلك يعد مشكلةٌ خفيةٌ يصعب التصدي لها، ذلك لأن كثيراً من الناس لا يستطيعون التوقف لالتقاط أنفاسهم وإدراك ما يدور حولهم.

شبحُ يحوم حولنا

يُعرف الاجهاد الوظيفي، حسبما صاغه عالم النفس هربرت فرويدنبرغر في سبعينات القرن العشرين، بأنه حالة الاجهاد الشديدة التي تؤدي إلى استنفاذٍ بدني وعقلي وعاطفي شديد. وهذا ما يجعل من الصعب على الناس التغلب على التوتر والتعامل مع المسؤوليات اليومية. وغالبًا ما يشعر الأشخاص الذين يعانون من الاحتراق الوظيفي بأنه لم يبق لديهم شيء يفقدونه ولا يشعرون بمتعة في الحياة ولا يعرفون سببا لاستيقاظهم كل صباح.

لا يختفي الإرهاق من تلقاء نفسه، وإذا ترك دون علاج، فقد يؤدي إلى أمراض جسديةٍ ونفسيةٍ خطيرة، مثل الاكتئاب وأمراض القلب والسكري.

خطرٌ محدق على صحة القلب

تشير الأبحاث الحديثة إلى أن الاجهاد الوظيفي المزمن يرتبطارتباطاً وثيقاً بحالة قلبيةٍ خطيرة تدعى الرجفان الأذيني. وهو أكثر اضطراب ضربات القلب شيوعاً. كما يعد السبب الرئيس للسكتة الدماغية في أوروبا والولايات المتحدة. يصيب الرجفان الأذيني أكثر من 33 مليون شخص في جميع أنحاء العالم .وهو مسؤولُ على الاقل عن 130 ألف حالة وفاةٍ سنوياً.

يعاني المصابون عادة من ألمٍ في الصدر وخفقان في القلب وضيق في التنفس والتعب. إلا أن وفي بعض الأحيان لا يكتشف المرض ويبقى صامتاً فترة طويلة، وقد لا تظهر أعراضه بل تحدث وفاة مفاجأة.

الاجهاد الوظيفي.. قاتل صامت

الاجهاد الوظيفي المزمن ضريبة الحياة العصرية

وفقًا للمعهد الأمريكي للاجهاد، يصرح 80٪ من العمال الأمريكيين بأنهم يشعرون بالتوتر بسبب الوظيفة. فيما يقول نصفهم بأنهم بحاجةٍ إلى المساعدة في إدارة الاجهاد. في المملكة المتحدة، يقال بأنه كان هناك ما يربو على 600000 شخص يعانون من التوتر بسبب الوظيفة خلال عام 2018.

دراسة بنتائج مقلقة

تشير دراسةٌ جديدةٌ نشرت في المجلة الأوروبية لأمراض القلب الوقائية، إلى أن الإجهاد الوظيفي المزمن يمكن أن يكون عاملاً رئيساً في الإصابة بهذا المرض. وقال مؤلف الدراسة الدكتور بارفين جارج وهو أستاذ في كلية الطب بجامعة جنوب كاليفورنيا. “من المعروف أن التوتر يمكن أن يسبب أنواعًا أخرى من أمراض القلب، لكن هذه هي الدراسة الأولى التي تربط الإرهاق الوظيفي وإرتفاع خطر عدم انتظام ضربات القلب“.

وتابع جارج قائلاً: “نعرف بعض عوامل الخطر الرئيسة المهمة للغاية، مثل السمنة وارتفاع ضغط الدم والتدخين، لكن هذا لا يفسر كل شيء عن سبب إصابتنا بهذه الحالة، وخاصة حالات الموت المفاجئ لدى متوسطي العمر الاصحاء دون عوامل خطورة سابقة”.

الاجهاد الوظيفي، لأن عجلة الحياة العصرية لاتتوقف

دراسة طويلة الأمد

تابع غارج وفريقه ما قدره 12000 رجلاً وامرأةً أصحاء على مدار 25 عامًا. تم تقييم المشاركين في خمس مناسبات منفصلة لتقييم درجات الغضب والإرهاق وقلة الدعم الاجتماعي واستخدام مضادات الاكتئاب. ثم قورنت تلك النتائج بعدد الأشخاص الذين طوروا الرجفان الأذيني خلال تلك الفترة الزمنية.

لم يتم العثور على أي ارتباط بين مستويات الغضب أو استخدام مضادات الاكتئاب. فقط الأشخاص الذين سجلوا أعلى نسبة في “الاجهاد الوظيفي المزمن”  كانوا أكثر عرضةً للإصابة بالرجفان الأذيني.

وأضاف جارج: “يرتبط الارهاق المزمن عادة بزيادة نسب الالتهاب وزيادة تفعيل استجابة الجسم للتوتر الفسيولوجي. فعندما يتم تنشيط هذين الأمرين بشكل مزمن يمكن أن يكون لذلك آثار خطيرةٌ ومدمرةٌ على أنسجة القلب، مما قد يؤدي في النهاية إلى حدوث هذا الاضطراب الشديد”.

نتائج أولية بحاجة لمزيد من البحث

 واختتم جارج حديثه بالقول:  “لا نقول بأي حال من الأحوال أنه إذا كنت قادرًا على خفض مستويات الاجهاد الوظيفي لديك، فسوف تقلل من خطر الإصابة بالرجفان الأذيني .هذه دراسة تدخلية لم نقم بها بعد. لكنني أعتقد أن الرسالة الرئيسة هي أن مستويات التوتر الوظيفي المرتفعة، ومستويات الإرهاق المزمن على علاقة وثيقة مع هذا الاضطراب ويجب التعامل معها باكراً، فالوقاية خيرٌ من العلاج”.

إقرأ المزيد:
المصدر سي إن إن

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط للارتقاء بأداء الموقع وتجربتكم في الوقت عينه فهل توافقون على ذلك؟ قبول الاطلاع على سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط